الأحد، 23 فبراير 2020

بنو يزناسن القصة الكاملة في طبعة جديدة للباحث عبد الله لحسايني

صدرت مؤخرا الطبعة الثانية – المزيدة والمنقحة -  للدراسة التاريخية والاجتماعية التي قام بها الباحث ذ.عبد الله لحسايني حول قبائل بني يزناسن شمال شرق المغرب ( محيط إقليم بركان) وذلك بعد صدور الطبعة الأولى بدايات سنة 2019.
والكتاب محاولة للإجابة عن لغز الصمت المطبق لكتب التاريخ فيما يتعلق بقصة قبائل بني يزناسن. فهو بإبرازه لجوانب من تاريخ وأدوار هذه القبيلة يكشف للقارئ أن ما كان على التاريخ أن يقوله أكبر بكثير من الإشارات العابرة المتناثرة بالمراجع التاريخية.
إن قصة منطقة بني يزناسن انفتحت اليوم على أسئلة قد تُغير إجاباتها معالم التاريخ نفسه. أولها يحوم حول تاريخ مغارة تافوغالت. التي بدأت في تغيير معطيات تاريخية حول بدايات استقرار الإنسان العاقل، والتي سبقت الاستقرار المتعارف عليه لحضارات ما بين النهرين بآلاف السنوات.
ولاستحالة الإحاطة بالقصة الشاملة، اعتبر الباحث الأسئلة اللانهائية التي يحاول في كل اصدار الاجابة عن بعضها هي ملامح "القصة" التي يجب أن تروى عن هذه المكونات البشرية، فتساءل عن:
- أصل هذه القبائل الأربع، وعن سر قوتها؟ وسبب اتحادها في تسمية واحدة وانقسامها في رباعية غريبة؟ وعن سر وصفها بالزناتية رغم أن قبائل ريفية عديدة زناتية أيضاً. ثم عن الهوية الاجتماعية والسياسية التي طبعت تصرفات اليزناسنيين في الماضي؟
وقبل ذلك، طرح سؤال عن الامتداد والترابط الجيني بين ساكنة السلسلة الجبلية المدروسة عبر حقب التاريخ؟
لقد اعتمد البحث للإجابة عن بعض هذه الأسئلة على مصادر ومراجع مختلفة. بعضها مواكب للحدث، كالمراسلات الرسمية التي جرت بين الزعماء وممثلي السلطة، والتي جمعها الباحث د. برحاب في ذاكرته. ما قد يضفي مصداقية أكبر للمعلومة رغم ندرتها. كما حاول الحياد في قراءة الاحداث والبعد عن الانحياز وتمجيد الذات الجمعية. لكنه أضاف آراءه وقراءته  لبعض الظواهر الميثولوجية التي لا تنال حقها في الغالب من الإثارة، وتنبأ أحيانا بما لا يملك من معطيات. ما يجعل الكتاب مستويات من التمحيص والتدقيق، وليس مستوى واحدا. الشيء الذي يفرض تحيينه المستمر في طبعات لا حقة بعد كل مرحلة بحثية.
وقد تحدث الكاتب عن الأصول والأنساب للتجمعات القبلية لبني يزناسن  بشكل مقتضب. إذ أن درجة الصحة في موضوع الأصول نسبي لا يمكن الاطمئنان إليه حتى مع وجود الوثائق. خصوصا بالنسبة لشجرات نسب الأشراف. كما أن هجرات العوائل وتحركاتها مستمر في الزمان والمكان. لهذا قارب الموضوع بإدراج محاولتين. إحداهما معتمدة على تركيبة النقيب في الجيش الفرنسي "فوانو" الأفقية. أي أنه يضع كل الفروع المنبثقة عن البطون على قدم المساواة. وحاول تدعيمها بما اتُفق عليه في ذلك. وأضاف في جدول مستقل تقسيمة تمحورت على رؤية اللغوي "رينيزيو" التي رتبت بشكل أفضل. حيث قسم المجموعات إلى ثلاث درجات على الأقل: القبيلة، الفرع الأول ثم الفرع الثاني.
وقد فصل هذا الكتاب إلى ثلاثة فصول:
فصل أول متعلق بسرد عام لملامح شخصية المكون البشري الذي استوطن الجبل منذ فترة الحضارة الإيبيروموريزية (قبل 15 آلاف سنة على الأقل) فالرومانية ثم العربية الإسلامية انتهاء بالفترة الفرنسية.
وفي فصل ثان تطرق لتعداد المكون القبلي الذي شكل مادة القبيلة. واعتمد بالأساس على المدونات القديمة التي خطت في القرنين الماضيين، وقلل من الاعتماد على الرواية الشفوية. مع دراسة مقارنة بإنتاج الباحثين الفرنسيين المذكورين أعلاه في الأنساب ليخلص إلى عمل شبه موحد بسبب بعض الاختلافات في ترتيب درجات القبائل وإلى من ينتمي كل منها عند المستكشفين. ليؤسس لعمل أشبه بمحاولة ترميم منمنمات عتيقة في مجال توثيق الانساب.
يذكر أن العمل أدرج الزوايا ضمن الأنساب القبلية. عكس ما يقوم به أغلب الباحثين، الذين يعتبرون الزاوية مكونا دينيا بحتا. فالمؤلف يرى أن الجانب الديني لا يشكل إلا جزءاً من مقومات الزاوية. وأن المحدد الأساس هو نوع العائلة وعرقها الذي لابد أن يكون من ما يسمى " الشرفا". فالزاوية قبيلة صغيرة تتكون من عمود فقري عرقي يضم عائلة من عوائل "الشرفا"، ويلتف حولهم الخدام من العوائل الفقيرة، والمريدون من طالبي الحضوة أو الوجاهة الدينية. ثم "الطلبا الذين قد يكونون من خارج المنطقة أو قد يكونون هم أيضاً منها. وبالتالي فالفارق بين الزوايا، والمحدد الأساس في تعريفها هو اسم العائلة والعرق الشريف. (الزاوية الهبرية نسبة للشيخ محمد الهبري والزاوية البوتشيشية نسبة لأبي دشيش وغيرها..) أما السند الديني الصوفي للزاوية فهو إجراء عملي يحدد اللون الإديولوجي الذي تعتنقه. فنجد عددا من الزوايا ضمن المشرب الدرقاوي أو القادري إلخ.
وفي الفصل الأخير ضم الكتاب جردا أوليا لمجموعة من الآثار المادية واللامادية التي تكتنزها المنطقة. وركز على التراث اللامادي كالحكايات التراثية واللغة اليزناسنية الأمازيغية المنقرضة، باعتبارها حاملا لهذه الآثار المعرفية اللامادية. كما ضم الفصل مجموعة من الطقوس الاجتماعية التي عرفها السلوك الشعبي العام لبني يزناسن في القرون القريبة الماضية. وتطرق إلى ظواهر وآثار طبيعية أثرت على حياتهم اليومية كالموارد المائية والعيون.
وقد جمع بعض الحكايات التراثية المتداولة محليا من أفواه كبار السن وبعض المعايشيين لهم، لكنه حاول توحيد النسخ المتضاربة لنفس الحكاية وترجم الحكايات المتداولة محليا و المدونة منها في كتب فرنسيي القرن التاسع عشر والعشرين.
يشار إلى أن الكتاب ضم بذرة معجم للغة الأمازيغية "اليزناسنية" التي تعتبرها منظمة اليونسكو لغة أم آيلة للإنقراض. وأرفقنا معجما صغيرا للأسماء العائلية اليزناسنية والدواوير والأنساب .
يذكر أن هدف الكتاب توعوي تحسيسي أيضا، ويأمل خلق مرتكز علمي لمشاريع عملية محتملة تهم الجانب التربوي والفعل الجمعوي والمجتمعي التراثي.






تسجيل القفطان المغربي كعلامة جماعية دولية: انتصار للتراث المغربي

تسجيل القفطان المغربي كعلامة دولية – أكاديمية التراث تسجيل القفطان المغربي كعلامة جماعية دولية: انتصار للتراث المغر...