لا لهدم معالم المدينة
إن مدينة حديثة التمدن كبركان هي مدينة محظوظة لأن تاريخها سيكون مستدلا بوثائق ومعالم لاتزال طرية وبالتالي موثوقة.
أما مدينة بركان فإن تاريخها رغم حداثته لم يدون بشكل كاف، فلا يعرف الجيل الحالي ولا حتى الأجيال الأخيرة كيف كان مجتمع أبركان في بداية القرن
إن فكرة التعايش مع العنصر المغربي اليهودي مثلا هي فكرة منقرضة تماما في مدينة بركان، ووجود كنيس يهودي يطمئن المؤرخين أنهم مهما طال الزمن يمكنهم أن يستدلوا على وجود بركانيين يقبلون بكل عفوية المكون اليهودي المغربي بينهم وبالتالي يبقي على سؤال انقراض هذا المكون من المدينة وقد يؤجج حماس الباحثين في جامعة وجدة على اقتراف البحث للإجابة عن هذه الإشكالات المجتمعتاريخية.
أما بذهاب المعلمة ومرور الزمن سيتم اعتبار المدينة مدينة أحادية اللون والدين. وأنها كانت دائما فاقدة لمبادء التسامح وقبول التنوع.
إن توثيق الأحداث لمدينة أصبحت صغيرة كمدينة بركان يتطلب جهدا كبيرا، لكن وبما أنها مدينة محظوظة فقد احتوت على أرشيف للفترة الاستعمارية التي رافقت تمدنها. وخصوصا أن الأرشيف احتوى على ملفات لشخصيات سياسية رسمية مرموقة كرؤساء الحكومات الأولى للمغرب. لكن لانعدام الحماس وقلة الاحساس بخطورة اندثار الوثائق في التدوين التأريخي لمدينة بني يزناسن فقد آلت كل محاولات منظمة أكاديمية التراث في أرشفة تراث ثانوية أبي الخير إلى التمطيط والتماطل. رغم نجاحها في اقناع المؤسسة العمومية الموكول اليها حفظ ودراسة ارشيف المغرب.
إن الساكنة التي يفترض أن تكون على دراية ووعي بدور معالمها التاريخية في نهضة المدينة أصبح جزء منها يحارب هو هذه المعالم ويعتبرها كماليات ويتحدث عن الشغل والمطالب الاجتماعية وكأن الحفاظ على أمتارا هنا أو هناك في هذا الإقليم العريض سيعرقل الإنجازات الباهرة في مجال الشغل والانتاج الزراعي.
إن اليأس هو سيد الموقف في هذه الظروف، واحتمال فشلنا في إبقاء بعض معالم القرون الفائتة للأجيال القادمة هو احتمال وارد للغاية للأسف. لكن يقضة ضمير المسؤولين المحليين أو الوطنيين ويقضة الساكنة التي يفترض أن تشكل سندا ضاغطا على القرار الإداري لا يزال هذا الأمل مشعلا ولو كبصيص قد لا يرى .
ويتبقى المصلحة العامة هي من يحركنا ويجعلنا نصارع ظروف العيش ونسرق لحظات منها لننقش في عتمة هذه الجدران المظلمة أننا نستنكر ونشجب كل خدش بكنوزنا المادية التراثية ونثمن كل عمل واع يصدر عن أي مسؤول حماية لموروث هو من حق كل الساكنة لا بل كل المغرب بل من حق ساكنة الكوكب.
عبد الله لحسايني
منظمة أكاديمية التراث
ⵜⴰⵎⴰⴷⴷⴰⵙⵜ ⵜⴰⴽⴰⴷⵉⵎⵉⵢⵜ ⵏ ⵜⵏⴳⵎⵉ Heritage Academy
jh
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق