الجمعة، 3 يوليو 2020

أصالة المقاومة بمنطقة بني يزناسن- أكاديمية التراث

أصالة المقاومة بمنطقة بني يزناسن

للباحث عبد الله لحسايني

 

 

يعتبر بعض الشباب اليوم أن الحديث عن المقاومة المغربية هو استنهاض لتاريخ قديم وميت لم يعد يناسب العصر. وتدور في مخيلة شريحة منهم صورة نمطية عن الأشخاص الذين قاوموا الاحتلال وكأنهم مجرد ممثلين. لم يعيشوا واقعا صعبا ولم يكن لهم حياة خاصة وأهداف في الحياة يصعب التضحية بها وأحباب وأقارب من العسير مفارقتهم كما في حياتنا اليوم.  
هذا التصور الوهمي للماضي وراء ضعف التفاعل الشبابي مع القيم الإنسانية المتضمنة في حكاية المقاومة.

أذكر في هذا الصدد شهادة المقاوم عبد الصادق القادري حين كان مطاردا من طرف شرطة الاقامة الفرنسية بعد انتفاضة 16غشت بوجدة وأثناء محاولته الاختباء يقول:" وأذكر حينما كنت بوجدة طرقت عدة ابواب دون أن أجد أي واحد يساعدني على الاختباء في منزله بسبب الخوف الذي كان يسيطر على جميع المعارف بعدما علموا بالخطر الذي يتهددني جراء البحث المكثف الذي تقوم به الشرطة في شأني..." ثم يصف حالة الأسر التي غامرت بإخفاءه قائلا " إن يحيى امراح الذي اختبأت عنده مدة اسبوع كانت له حجرة واحدة وله عدة اطفال وامرأته محتجبة.. " فلنتخيل حجم الاحراج والضيق عانى منه المقاوم قبل اهل المنزل. كل هذا لأنه مع شباب اخرين قاموا بالانتفاضة ضد نفي الملك. مع أنه كان بإمكانهم الحفاظ على أمنهم وقبول الظلم والاهانة من المستعمر الاجنبي. ولهم ألف عذر لذلك. والسؤال الجدي في هذه الحالة. فهل سيتحلى شباب هذا الجيل بنفس قيم التضحية فيما لو وضعوا في نفس الظروف.؟ 


 ومن هذا المدخل النفسي والاجتماعي نحاول في محاضرتنا مقاربة الفترة الإستعمارية وتسليط الضوء على القرارات المصيرية التي اتخذها شباب ذلك الجيل في مواجهة تحديات احتلال بغيض صادر أراضيهم وهي مصدر ثروة الأسر أنذاك. وخرب نظامهم الاجتماعي والسياسي وانتقص من كرامتهم بفرض واقع سياسي لم يرتضوه. يقول العروي واصفا حالة المغربي الذي واجه الاستيطان، قائلا: " أولم نعد نرى الفرد المغربي ، وقد جُرّد من كل ما كان يملك ماديا ومعنويا، قابعا في بيته لا يكاد يخرج إلى الشارع إلا مستحييا، ينظر إلى أرضه الضائعة نظرة المودع النادم البائس، تلك النظرة الغائرة التي كثيرا ما أثارت انتباه سوّاح القرن الماضي" .

وسنخصص الحديث على منطقة بني يزناسن وبركان رغم صعوبته. إذ ان الحديث عن مقاومة منطقة محددة كالحديث عن مميزات مياه منطقة ما من مياه المحيط بسبب حركية الفعل المقاوم وامتداده المكاني جهويا ووطنيا. محاولين الاجابة عن سر اكتساب صفة التضحية وحب الوطن وكيفية ضمان استمرار هذه القيمة عند الاجيال الحالية.

 

 

حرب المستوطنات:

ورثت فرنسا ممارسات النهج والسلوك الاستيطاني الروماني. والذي كان يركز على انتزاع الأرض من المُلاك الأمازيغ، ومنحها للطبقة المجنسة منهم، كخطوة تدريجية لرومنة الأرض المغربية بشكل كامل.

فبُعَيْد احتلال وجدة بحر سنة 1907 وإخماد مقاومة القبائل اليزناسنية من طرف قوات الجنرال ليوطي سنة 1908، تم تنفيذ الخطط الاستيطانية بكل أريحية، استنادا إلى السلاح القانوني الملغوم. فلجأ إلى حملة تشريعية تبرر عمليات الاستيلاء والنهب العقاري التي يمارسها مستوطنوه. وكان أول قرار قانوني صدر في هذا الإطار الظهير الصادر تحت وصاية المقيم العام والمتعلق بالتحفيظ العقاري، والصادر في 12 غشت 1913 والذي كان الهدف منه إضفاء الشرعية على ملكية الأراضي التي استوطنها الأوربيون في منطقتي وجدة والشاوية، بين 1907 و1912، عندما كان المغاربة يفرون أمام جيوش الغزو.

وبمقتضى هذا الظهير أصبح كل نزاع مدني أو تجاري يكون أحد أطرافه فرنسي الجنسية، من اختصاص المحاكم العصرية التي أحدثت آنذاك، والتي كانت في الواقع محاكم فرنسية والساكنة لم تكن في أغلبها تتقن هذه اللغة ما يزيد في تعقيدات التقاضي وبالتالي الحكم لصالح دعواى امتلاك الفرنسيين للارض.

بل في بعض الحالات، تتم مجابهة المعترضين على قرار الضم بإجراءات قانونية تعاقب الممتنعين عن تسليم أراضيهم طوعا للمستوطنين وتصفهم بالثائرين على قرار الحكومة الاستعمارية. 

من النتائج المباشرة لهذه السياسة الاحتلالية الفرنسية ظاهرة المستوطنات، وهي مجموعة من الاراضي الفلاحية التي كانت في ملكية الأسر المغربية و تشكل مصدر رزقها الوحيد تتحول بفعل الحيل القانونية والضغوط والعنف الذي مارسه الفرنسيون إلى ضيعات تابعة لهم . ويتحول المغربي من شخص ثري أو متوسط الحال يعيش في أرضه إلى شخص معدوم فقير يبحث عن عمل في ضيعة هذا المستوطن الذي سرق أرضه.

هذا الوضع الاجتماعي الكارثي الذي خلقه المشروع الاحتلالي الفرنسي خلق جوا من الغبن والاحساس بالظلم والخداع, ففضلا عن فرض المستوطنين على ملاك الاراضي التنازل عن اراضيهم بقوة السلاح والترهيب وزيادة عن تزوير مستندات الملكية للاراضي دون حضور أصحابها،  كانت الابناك أيضا تعمد الى اغراق بعض الفلاحين بالقروض بفوائد خيالية مقابل رهن الأرض ولأن القرض لم يكن في صالح المالك وأكبر من مدخول الفلاح فقد كانت تعمد الى الاستيلاء على أرضه مقابل عجزه عن سداد فوائد الدين. هذه العادات والحيل كانت غريبة عن الثقافة المحلية . وقد اشتكى السكان من هذه الممارسات ابان زيارة الملك محمد الخامس لبركان سنة 1934
فحاول الملك فك الخناق عن عنق البركانيين عبر الأمر بقرض الراهنين من صندوق الدولة ليتحللوا من قروض الأبناك ويسترجعوا أراضيهم.
 لقد غير النهب العقاري للاحتلال الفرنسي طبيعة حياة اليزناسنيين، فقام بتفقير شريحة واسعة منهم. وزاد في ثراء مستوطنيه ومجموعة من المتعاملين معه. 

 هذا ما أدى إلى احتقان وكره شديد للمحتل . فكانت الساكنة تنتظر شرارة او تنظيما مقاوما للغطرسة الفرنسية لتلتحق بصفوفه,

انتظار قافلة المقاومة :

على عكس الماضي حين كانت مقاومة المحتل تتطلب وجود قائد محلي عسكري يقود القبائل بسهولة ويسر حركة بين قمم جبال بني يزناسن ويدعو للنفير والجهاد ضد المحتل، فقد فرض الاحتلال الفرنسي واقعا قانونيا جديدا حيث أنشأ مدينة بركان وأفرغ الجبل من معظم ساكنيه عبر جذب الساكنة للعمل في المدينة بعد مصادرة مصادر رزقهم كما سبق ذكره. من هنا تعسرت أشكال المقاومة وكان لزاما انتظار تنظيم وطني موحد يقود هذه المرحلة نحو التحرر.

وقد تجاوبت الساكنة طيلة العشريات الاولى من القرن العشرين مع الحركة الوطنية فاستقبل علال الفاسي زعيم حزب الاستقلال ببركان وقد استضافه كل من المقاوم الحسن شاطر ومحمد بنعيسى الصلاني وبنسعيد بن محمد بن الحاج الصديق الحمداوي وبرزال لخضر جزائري. واتفق الجمع على فتح مدرسة قرآنية كشكل من اشكال حضور  رسمي لنشاط الحركة الوطنية.
وبعد اعتقال بلافريج الامين العام للاستقلال بعد اعلان عريضة المطالبة بالاستقلال عقد اجتماع سياسي ببركان بدكان السيد عمرو بن الحسين ضم اضافة اليه قيادات محلية منها المقاوم قدور الورطاسي واخرون, وبسبب التعتيم الاعلامي فقد اتفقوا على الاستيضاح حول صحة احداث العنف التي تلت العريضة في المدن المغربية من القايد المنصوري رغم أنه كان قائدا تحت سلطة الاستعمار الا أنه من المقربين من الملك محمد الخامس وأن وطنيته لاشك فيها. وحين اكد الأخير الخبر التحق قدور بوجدة في 5 فبراير وتم تنظيم مظاهرة تأييدا للإعلان واعتقل الأخير رفقة سبعة اخرين الذين حكم على بعضهم بسنة نافذة وعلى قدور بسنتين. فقد كانت تتحرك في وجدة تنظيمات مسلحة من بركان وبني يزناسن أيضا.

وقد استمر الحراك السياسي ضد الاقامة العامة وضد الادارة المحلية الفرنسية فقد احتفلت ساكنة بركان بعيد العرش يوم 18 نونبر 1945 في الوقت الذي كان الاحتفال بالعرش عملا سياسيا معارضا يستوجب العقاب، وهتفوا جهارا بمطلب الاستقلال وبحزب الاستقلال.

 انتفاضة 17 غشت 1953 بأبركان:
وبعد نفي الملك محمد الخامس وتصاعد الصراع بين القصر والإقامة العامة الفرنسية تقررت الانتفاضة وحدد موعد الثورة في ربوع المغرب والانطلاق في المقاومة المسلحة. لكن ولتأخر ورود خبر الثورة الى بركان فقد تقرر أن تقام بدل الثورة الدامية تظاهرة سلمية فقط لغرض اظهار الانخراط العملي في مشروع الكفاح المسلح. وتنظيم الصفوف وخلق الخلايا المسلحة الشيء الذي يتطلب وقتا وعدم تفريط في القيادات التي ستنشئ هذا التنظيم.

اجتمع اعضاء فرع الحزب بأبركان وتقرر تنظيم مظاهرات يوم الاثنين 17 غشت 1953، وأبلغت القرارات لجميع الاستقلاليين بمذاغ واتريفة والسعيدية وبني وريمش وبني عتيق وبني منگوش وقرية تافوغالت. وقد خرج 40 الف متضاهر. بينما خلت المدينة من المشاهد العسكرية الفرنسية  لامتصاص الغضب واختفى المستوطنون بعد ما شهدوه في اليوم السابق من احداث عنف بوجدة.
كما نظم اجتماع يوم 16 غشت لأفراد الحزب بالركادة ضواحي بركان وذلك بمنزل المقاوم محمد بن محمد بوزيان العثماني قرب مدشر ايغزر ؤشريك -بالطرشة ناحية فزوان- ترأسه الحاج ميمون بن الحسين الوكوتي وأخبرهم بقرار الثورة وخطتها. فبالنسبة لفرع الركادة كان مقررا أن يدخل لأبركان عبر لمنزل (لكرابة العليا) وفرع مداغ عن طريق السعيدية أما فروع بني وريمش وبني عتيق فتدخل أبركان عن طريق ملوية.
ويقول لعروسي أنه تم التجمهر ب "لمنزل" بمسجد مولاي ادريس لكن أوامر جديدة قضت بسلمية الحراك وبالتالي ترك الاسلحة البيضاء بالمسجد .
وبأمر من القايد المنصوري تجمهر الحشد أمام مقر قيادته بالسوق العمومي، وألقى الأخير خطاب تهدئة مؤكدا على بقاء الملك في السلطة مطالبا الجماهير بالانصراف . ويقال أن الأخيرة لم تنصرف إلا بعد خطاب عضو فرع الحزب بأبركان بنسعيد أحمد السرجان ومطالبته لهم بالانصراف. وقد تلت العملية حملة اعتقالات واسعة.
أما بتافوغالت فيروي أحد الشهود العيان وهو من افراد القوات المساعدة اسمه بوعلام لشعل أن الانتفاضة تمت على مراحل حيث نزل كل من بني نوكة وولاد عبو وولاد يحيى وولاد قنين والتفوا حول مقر القيادة التي فر منها المراقب "كانط" صحبة القايد ولد لهبيل. ليعود بمفرده ويواجه الجماهير مرددا معهم عبارة : "يحيى الملك". وقام باجتماع مع عشرة من ممثلي القبائل المتضاهرة لتنصرف بعدها وتلتحق بالمكان قبائل بني موسي ارّوا وعوملت بنفس الطريقة. وفي صباح 18 غشت نزلت قبيلة ولاد عمر. وقد استقدمت القوات الفرنسية فيالق من الجزائر بدعوى محاربة الاسبان لكن الفيالق أبت معاقبة السكان بعدما علمت بالحقيقة، ليتكفل اللفيف العسكري الاجنبي بالمهمة، التي شملت اعتقالات وسلب ونهب وتخريب تعرضت له كل من بني موسي الروى وسيدي بوهرية واودع المعتقلون في الكهوف ككهف (زانبر) مولاي علي، وزانبر بنعيسى ومطمورت بوحوت، وغار لفخ.

 وانطلقت الاعتقالات وفر جل أعضاء القيادة الى الناظور منهم الصباني بوزيان وعمارة عبد الخالق...
اثرها تأسست أول الخلايا التي كانت توجه من المنطقة الشمالية الى كل من أبركان ومداغ ... مهمتها تنفيذ الأعمال الفدائية والعودة سالمة لقواعدها. ومنها تكون جيش التحرير.
ومن بين الفرق العسكرية اليزناسنية التي أنشأت في تلك الفترة

فرقة بني درار بقيادة المقاوم محمد بلهاشمي ميري انطلقت بعملية عسكرية خلفت قتيلان. وأصبحت تضم بعد العملية ازيد من 75 مقاتل. لتواصل عملياتها العسكرية في كل من منطقة الكربوز وعين صفا وبني يسبو وسيدي موسى اضافة الى امداد حبهة التحرير الجزائري بكميات كبيرة من الاسلحة.

فرقة قبيلة لهنادزة بزعامة المقاوم عبداللاوي عبد الرحمن

وفرقة قبيلة الزعازعة بزعامة محمد بلماحي وفرق عسكرية يزناسنية أخرى بكل من بني يسبو والدويز وتانوت وولاد خليفة وكزناية وولاد برمضان

لحظات انسانية في حياة المقاومة:

أريد أن أورد بعض اللحظات الانسانية التي عايشها مجموعة من المقاومين ليتعزز لدى المتابع وفي لاشعوره أن هؤلاء كانوا يعيشون الحياة بكل روعتها ووعورتها وأن قرار الانضمام للمقاومة لم يكن لعبة أو مقامرة بل قرارا صعبا يتطلب رباطة جأش وتغلب على الخوف.

يذكر المقاوم محمد بن بوزيان الدرفوفي واقعة عبوره لواد ملوية الذي كان بمثابة حدود بين الدولتين الفرنسية والاسبانية  يقول أن يومه كانت الامطار غزيرة ما يرفع منسوب النهر فضلا عن كون الفرنسيين يطلقون أنابيب السد لتقوية صبيب المياه لإغراق من يحاول عبور المنطقتين. وبعد نجاحه ورفاقه من عبور نهر ملوية اعترضهم واد شراعة الذي كانت امواجه قوية الهدير فتساءلا عن امكانية عبور واد كهذا لأن الموت معه محقق وفي وسط عبورهم جرفت المياه القوية رفيقهم محمد ولد السعيدي الذي تركوه إلى أن تمكنوا من العبور الآمن ووجدوه متمسكا بإحدى الصخور يطلب النجدة.

وحين وصوله لوجدة لحقتهم الشرطة بتفتيش الحي لورود أنباء عن وجود ما يسمونه "خارجين عن القانون" بالحي. فلم يسلم من رعب الطبيعة والشرطة.

ويحكي المقاوم عبد الصادق عن وقائع مدرسة بيرتلو بوجدة التي تحولت الى زنزانة للتعذيب  بالكهرباء والاغراق في المياه القذرة والارغام على أكل البراز والصلب والتعليق والاغتصاب بالقنينات وصعق الأعضاء الحساسة للسجين بالكهرباء , فضلا عن ألوان العذاب كان عدد كبير من المعتقلين يحشرون مرة واحدة بنفس الزنزانة ما أدى في أحد المرات الى مقتل 16 فردا اختناقا وقد دفنوا في مقبرة جماعية بممرات المستشفى العسكري مركز القيادة العسكرية حاليا دائما حسب شهادة المقاوم عبد الصادق.


أصالة المقاومة في طباع بني يزناسن:

يقول ابن خلدون بأن الظروف القاسية تخلق أجيالا مختلفة عن الأجيال التي عاشت في ظرف افضل، فمن حسنات التواجد الفرنسي بجوار المغرب (بالجزائر) منذ بدايات القرن التاسع عشر على بروز الطابع الحربي الشديد البأس على سلوك قبائل بني يزناسن الجمعي نتيجة المراس والمناوشات والاقتحامات المتكررة بين فرنسا وهذه القبائل منذ حرب إسلي التي خاضها المغرب ضد التغول الفرنسي.
يذكر المؤرخ الناصري في حكيه عن واقعة إسلي أن قبائل بني يزناسن شاركت بحشود تكاد تساوي الجيش ككل. فما السر وراء هذا الانخراط والتعبئة الشاملة المسؤولة والمواطنة التي طبعت سلوك هذه الشريحة من المغاربة في التضحية و الدفاع عن المقدسات تحت راية الوطن والتعلق برمز الدولة اي السلطان العلوي المولى عبد الرحمن انذاك؟ يبدو أن هذا الولاء للوطن والدولة كان سمة متأصلة في هذه القبيلة منذ القدم.
لقد صقلت الظروف الخطيرة التي واكبت التواجد الفرنسي بالجزائر، صقلت الطبع الشديد المعروف عن سلوك هذه القبيلة. ولردع الخطر قامت القبائل اليزناسنية بتبني تكتيك جديد من المقاومة وهي ما اطلقتُ عليه سنة 2013 في كتاب "ياث يزناسن" بـ "المقاومة الاستباقية". أي تلك الأعمال الحربية التي يراد منها إظهار القوة للخصم حتى قبل اقتحامه للارض المغربية لإقناعه بخطورة الاقدام على عمل هجومي مستقبلا.

 وفعلا تحققت فكرة الردع بنسبة مهمة . اذ نستشف من تصريحات الجنرالات الذين اضطروا إلى جلب أقصى قوة عسكرية لرد هيبة فرنسا العظمى أمام حفنة من المغاربة المتسلحين بإيمانهم بوطنهم وتشبثهم بأرضهم وبعض السلاح الذي لا يقارن بالعتاد الفرنسي لا كما ولا نوعاً.
يقول الكوموندون مورداك MORDAC : "من جهة أخرى، فبنو يزناسن يحتفظون بثقة عالية في النفس... لقد كان من الحكمة فعل ذلك - أي التحشيد العسكري الكبير - في مقابل مقاومة جد قوية... لقد كان جيدا الإظهار بأننا لانزال نمتلك الجنود، بل ولدينا الكثير منهم ".

أبرز المواجهات بين فرنسا وبني يزناسن في فترة المقاومة الاستباقية:
سنة 1852 : انطلقت الحملة الفرنسية على بني يزناسن، عقابا لهم على دعمهم للأمير عبد القادر. فتم اقتحام ديار بني خالد وبني منكوش. واستمرت المعارك والمناوشات متقطعة، سنتي 1852 فـسنة 1853.
سنة 1956 : في سبتمبر وأكتوبر من سنة 1856، قام بنو يزناسن باقتحام جديد لتراب فرنسا بالجزائر. فأعملوا فيهم سلبا وقتلا، ما حدا بالجنرال بوفور Beaufort إلى تسيير دورية عبر الحدود، على رأس جوقة جوالة. وبعد كر وفر، استدرج بنو يزناسن، وقتل منهم المئات من بينهم ثلاثة من الزوايا، كانوا يُعدون من بين أهم منفذي القلاقل.
31
غشت 1859 : على الساعة السادسة والنصف زوالا، نُفّذ هجوم لـ 1200 من مقاتلي بني يزناسن والمهايا واهل انكاد على قوات فرنسية بمنطقة الزاوية، بلالة مغنية بالتراب الجزائري. ما خلف مقتل 17 فرنسي وجرح اثنين منهم إضافة لـ 11 مفقودا، إضافة لأضرار جسيمة بالمعدات الحربية.
11
سبتمبر 1859: الشريف محمد بن عبد الله يقود 6000 إلى 7000 من مقاتلي بني يزناسن والمهايا وأهل أنكاد للانقضاض على معسكر القائد BEAUPRETRE بتيولي.
29
أكتوبر 1859 : على الساعة 2h00 الثانية صباحا، انطلقت هجمات الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال دو مارتمبري لاحتلال تفوغالت، انتقاما من هجمات بني يزناسن السابقة.
30
أكتوبر 1859 : احتلال هضبة تفوغالت بعد حرب شرسة، وإجراء مفاوضات السلام بين القائد الحاج ميمون قائد الاتحادية اليزناسنية والجنرال مارتمبري.
23
،24 ،29 نونبر 1907 : هجوم لبني يزناسن على فرق استطلاع فرنسية في كل من حاسي خليفة وفم صفرو وفي نواحي ميناء بور صاي بـ 2000 مقاتل.
وفي يوم 7 أكتوبر 1907 وفي اطار اللقاء بين قائد فرقة استطلاعية فرنسية وبعض أعيان بني يزناسن، بموقع قريب من "عين صفا "، بغرض عودة بعض قواد بني خالد إلى سلطتهم، تحت نفوذ الاحتلال. تطور الوضع إلى مواجهة بين المناهضين للاحتلال والجيش الفرنسي. مما أدى إلى تراجع الجيش إلى مدينة وجدة، وقد وقع في صفوف الجيش قتيلان وبعض الجرحى. وفي اليوم الموالي، عادت فِرق من الجيش الفرنسي معززة بسلاح المدفعية، لتدك المداشر القريبة من مكان الحادث بالقنابل. واستمر القتال طيلة الثلاث أشهر الموالية. تتوسطه فترات هدنة وكر وفر.
وفي يوم الأربعاء 4 دجنبر لسنة 1907م قام الجيش الفرنسي بقصف وتدمير مقر وضيعة الثائر الشيخ المختار البوتشيشي 
هجوم يزناسني اخر في 7 دجنبر من نفس السنة. فحسب صحيفة L’impartial في عددها 898 فإن فرقة استطلاعية فرنسية دخلت الجانب المغربي من واد كيس لكنها تعرضت لهجوم من فرقة من بني يزناسن، وبسبب عدم تجهزها فقد انسحبت وعلى إثرها دخل بنويزناسن التراب الوهراني وقاموا بغزوة في القبائل الجزائرية الحليفة... فدخل اليوطنو Mairesbille  ورجاله إلى بورساي في منتهى واد كيس بينما انسحب اليوطنو Chauvelot ورماته جنوبا نحو سيدي بوجنان.
وفي الغد رجع المغاربة بأعداد غفيرة ودمروا كل شيء في طريقهم. واقتحموا مصنع السبيب النباتي بباب العسة ولولا أن كوموندون دائرة مغنية الكولونيل Reibell بعث بمدد من رماة نمروس لكانت القوة الفرنسية تراجعت أو هلكت. وقد قتل 10 من الرماة من الجزائريين ورقيب وملازم من الجيش الفرنسي.



خلاصة.

إن الخبرة الحربية التي اكتسبها بنو يزناسن طيلة قرن من حربهم مع العدو سنرى اثارا لها في سلوكيات الأجيال التي تلت أي جيل القرن العشرين الذي عايش الإحتلال الفعلي للأرض المغربية ككل وعاين رمز سيادته أي الدولة المغربية ترزح تحت "حماية" المقيم العام الفرنسي.
كان لابد لساكنة المنطقة أن تستسلم للإحتلال بفعل القوة المفرطة التي تعرضت لها وهي ترى المدن المغربية تتساقط في يده منذ 1907 بدءا من وجدة والشاوية.
كما أن الحرب جولات وهذا وقت لكي تستجمع الساكنة أنفاسها وتعود للمواجهة بعد أن تتضح الصورة، خصوصا أنها خسرت أهم مقومات وجودها ألا وهو الأرض وثروتها.
لكن تغيرت الظروف بشكل جذري هذه المرة. ففرنسا أضحت جاثمة على انفاس الجميع. وشكل حرب العصابات التي كان الحاج ميمون نلبشير أمسعود يمارسها ضد فرنسا لم يعد يجدي نفعا، مع نزول الساكنة من الجبل المحصن واندماجهم في سهل بركان المكشوف، بحثا عن مصدر دخل عند المستوطنين.

ورغم كل ذلك يبقى التاريخ شاهدا على ارتباط ساكنة هذه المنطقة وولائها للوطن وذلك بفعل أصالة طباعها التي استمرت إلى حدود ما بعد الاستقلال. ويبقى الرهان على ضمان إيصال هذه القيم النبيلة إلى الأجيال الحالية عن طريق تدريس هذه النماذج المقاومة خصوصا للأطفال بطريقة عصرية حديثة وتفادي الشكل الكلاسيكي الممل الذي لم يعد يستجيب لمستجدات العصر,

 يقول الكاتب الفرنسي ATTILIO Gaudio "قليل من يعرفهم أو يتحدث عنهم، في أدبيات السياسة والتاريخ المغربي أو حتى الأوروبي في عهد الحماية. رغم أنهم في الحقيقة، كانوا أول من حارب ضد الفرنسيين، للدفاع عن استقلال المملكة الشريفة، منذ منتصف القرن التاسع عشر."  

الاثنين، 29 يونيو 2020

كنز من المعطيات يواجه المجهول ،أرشيف ثانوية أبي الخير بمدينة بركان - أكاديمية التراث

كنز من المعطيات يواجه المجهول

الأرشيف الاستعماري لثانوية أبي الخير بمدينة بركان
 
ذ. عبد الله لحسايني


قبل سنوات قليلة اكتشفت أن بإحدى الثانويات العريقة بمدينة بركان لا يزال يوجد أرشيف يعود لبدايات الفترة الاستعمارية يؤرشف معطيات عن التعليم تحت الاحتلال يمتد من سنة 1909 أو قبل ذلك حيث أن فرنسا تواجدت فعليا بالمنطقة منذ سنة 1908 أي قبل معاهدة الحماية بأربع سنوات.

هذا الكنز من المصادر التوثيقية لظاهرة التمدرس في تلك الفترة التي تزامنت مع فترة التشكل الحضري لمدينة بركان فقمت في إطار منظمة أكاديمية التراث بالتواصل مع المؤسسة الارشيفية المختصة لدراسة وتمكين الباحثين المغاربة من هذا الكنز التأريخي بشكل رسمي لكن صدمت بالبيرقراطية التي تجثم على صدور المواطنين فلايزال المسؤولون بالتعليم يناقشون فكرة قبول التواصل مع مؤسسة عمومية منذ 2018 والضحية أوراق هذا الأرشيف الذي لن ترحمه العوامل الطبيعية وستآكل أوراقه وتزوال معطياته النادرة إلى عالم النسيان.

لهذا فكرت أن أتشارك مسؤولية حماية هذا التراث مع القراء والمثقفين والمسؤولين عبر نشر دراسة مقتضبة لبعض مما تمكنت من الوصول إليه من هذا الأرشيف الذي قام أحد الأطر التربوية بتصوير بعضه.


إن ثقافة الحفاظ على الأرشيف والوثائق التاريخية خصوصا للفترات الحرجة من تاريخ البلاد هي من أبجديات مظاهر الوعي في المجتمع. ويبدو أنه من اللامعقول كتابة مقال عن أمر بديهي كهذا لولا أننا في زمن استثنائي يتساءل فيه "المثقفون" قبل غيرهم عن جدوى الاحتفاظ بأوراق "بالية" من عهد الاستعمار وأن الأولوية للمستقبل. وكأن بإمكاننا السير الناجح نحو المستقبل دون الاعتماد على قراءة واضحة للماضي.


ثانوية أبي الخير (سجل أحفوري لتاريخ المدينة) :

تعتبر ثانوية أبي الخير من "المستحاثات" التي رافقت تشكل مدينة بركان - أبركان سابقا وراقبت تحول الثقل السكاني من جبال بني يزناسن إلى سهل المدينة. هذه المؤسسة التي تحفظ كرونولوجيا تحول المجتمع ببركان من الهيمنة الفرنسية والتواجد اليهودي إلى التواجد المغربي المسلم فقط. فنجد في دراستنا لمختلف مراحل تسييرها مدا وجزرا لعدد ونوعية المغاربة الذين تسجلوا بأقسامها. فرغم أن سعتها ظلت كبيرة نوعا ما مقارنة مع المدينة الوليدة إلا أن غلبة العرق الأوربي ومعه بعض اليهود ظل السمة الغالبة في إحدى الفترات.

ويلاحظ أيضا تردد التسمية في الفترة الاوروبية بين المدرسة الأوروبية لبركان ومدرسة بركان ما قد يشي عن فترات انفتاحها على المستوطنين الغير فرنسيين وانغلاقها احيانا حسب العوامل التي ربما تكون الحرب العالمية إحدى أسبابها.

ومن هنا نجد أن دراسة بسيطة قد تكشف جبلا من المعطيات التي قد ترسم شكل المجتمع البركاني في تلك الفترة وطبيعة التوجه السياسي للإدارة التي وإن كانت تعليمية إلا أنها تتأثر بالجو السياسي السائد.

يلاحظ أيضا أن بعض المغاربة ( عكس الأغلبية الذين كانو يعرفون بأسماء آبائهم ويضاف إلى اسمهم عبارة بن أو بنت ..) كانوا يمتلكون ألقاب عائلية منذ الفترة الأولى من القرن الاستعماري، هذه الألقاب التي كانت نادرة أو منعدمة قبل منتصف القرن الواحد والعشرين قد تؤشر إلى تأثر بالثقافة الفرنسية لبعض حاملي الألقاب العائلية.


لقد بنيت المؤسسة في بدايات العهد الاستعماري لتكون مدرسة ابتدائية تعلم أبناء المستوطنين الذين وفدوا بكثافة حتى قبل توقيع الحماية. وكانت تسمى أنذاك المدرسة الأوربية لبركان Ecole européenne de Berkane على مساحة 25 آر 1 سنتيار  وكان بمحاذاتها بناية الداخلية الابتدائية تقع على مساحة 1هكتار و30 آر و98 سنتيار. تابعتان للملك الخاص للدولة.

وحسب جزء من الارشيف المتاح ففي بداية العشرينات من سنة 1921 إلى 1926 كانت البناية تضم مدرسة ابتدائية مختلطة تسمى Ecole de Berkane تحت إدارة المستوطن H. Chamayrac  وتابعة لإدارة التعليم العمومي التابع للحماية الفرنسية بالمغرب وقد سجلت 532 تلميذا مدة 5 سنوات (من فاتح غشت1921 الى 16يناير 1926 ) ثم تحول اسمها في 26 يناير 1926 الى المدرسة المختلطة لبركان Ecole Mixte de Berkane  تحت ادارة المستوطن Bertout درس بها 526 تلميذا في الفترة بين 26 يناير 1926 و27 يناير 1931.

وفي 28 يناير 1931 أصبحت تسمى المدرسة الأوروبية المختلطة لبركان ُEcole européenne mixte de Berkane وهي مدرسة ابتدائية مختلطة دائما تحت ادارة المستوطن  Bertout Gerant   درست  من 28 يناير 1931 إلى 2 أكتوبر 1936 525 تلميذا فرنسيا وبعض المغاربة ربما من اليهود كالتلميذ طبول يحيى ابن يعقوب .

ورجع اسم المدرسة من جديد الى اسم مدرسة بركان Ecole de Berkane سنة في 5اكتوبر1936 ومن هذه السنة الى 3دجنبر 1941 درس بها 525 تلميذا فرنسيا ومغربيا. إذ يلاحظ أنها بدأت تستقبل المغاربة المسلمين بوفرة حيث نجد اسماء مغربية كثيرة بالسجل.

وفي فاتح يناير سنة 1942 عاد الاسم للمرة الثانية إلى المدرسة الأوربية لبركان ُEcole européenne mixte de Berkane تحت ادارة المستوطن Mayze Paul  وتسجل بها بالفترة بين فاتح يناير 1942  و17 من اكتوبر 1947 ما مجموعه 569 تلميذا.      ونلاحظ تواجدا محتشما للعنصر المغربي بين التلاميذ.

وبدءا من 17 أكتوبر 1947 أصبحت المدرسة تابعة لـ للإدارة العامة للتعليم العمومي والفنون الجميلة والتحف التابعة للحماية الفرنسية بالمغرب وأضحت تحت ادارة كل من المدير السابق أي المستوطن Mayze Paul   و Jean Tanguy و  Pierre Bugeaud   ودرس بها طيلة الخمس سنوات التالية أي من 17 أكتوبر 1974 إلى فاتح أكتوبر 1952 ما مجموعه 609 تلميذا مع تواجد ضئيل للعنصر المغربي بين التلاميذ.

 وفي المرحلة الموالية أي بعد اكتوبر 1952 بقي المستوطن Jean Tanguy هو المدير الوحيد  للمدرسة ويلاحظ غياب ذكر التسمية في الملف ما يحيل على بقاء نفس الاسم. لكن يلاحظ تغيير في اسم الادارة التابعة لها المدرسة فأضحت تسمى ادارة التعليم العمومي وازيل باقي التسمية السابقة.

وفي هذه الفترة الخمسية أي من فاتح اكتوبر 1952 إلى 3 من اكتوبر 1955  تتداول القاب يهودية كأزولاي وزبول وقلة من المغاربة بدون لقب عائلي بل باسماء الاباء كعبد اللطيف بن احمد بن سعيد ومليكة بنت احمد ولد محمد بن سعيد. وتم تسجيل 532 تلميدا فرنسيا وأوربيا إضافة إلى القلة المغربية رغم اقتراب ارهاصات الاستقلال الذي سيكون السنة الموالية.

ولم تتوقف المدرسة عن العمل في الخمسية التي تضمنت الاستقلال فمن 3 من أكتوبر 1955 إلى فاتح اكتوبر 1959 بقي المدير السابق أي المستوطن Jean Tanguy يسير المدرسة الابتدائية المختلطة وحافظت على التسمية السابقة أي المدرسة الاوربية المختلطة لبركان ودرس بها في هذه الفترة 521 تلميدا وقد ضمت بعض الجزائريين كالتلميذة بوتشيش كميلة المزدادة بمغنية سنة 1950 وبوتشيش جليلة في 1942 بنفس المدينة الجزائرية. وبعض الاسماء المغربية من مواليد فرنسا كبنلخضر علي و بنلخضر احمد ومواليد بركان كـ مصطفى بن محمد والزياني خيرة ومغنية ومحمد بن محمد بن قدور الشركي وعبد الفتاح خديجة وصالح عبد الرحيم وغيرهم من الاسماء المغربية ذات الالقاب العائلية أو بدونها.  

وفي فترة الاستقلال نتوفر على سجل سنة 1966 نتوفر على سجل للمدرسة باسم اعدادية ابو الخير بركان Collège Abou-Lkhayr Berkane   وأضيف في التعريف انها مختلطة تحت ادارة السيد عزيز الحسين  وسجل في فترة سنة أي من فاتح اكتوبر 1966 إلى فاتح اكتوبر 1967   509 تلميذا وقد انطلق العد تراكميا من رقم 1124 ما يجعلنا نتوقع بداية الدراسة المغربية بهذه الاعدادية قبل سنتين بمعدل 500 تلميذ كل سنة أي سنة 1964 وهذا مجرد تخمين.

وفي السنة الموالية أي من فاتح اكتوبر 1967 الى غاية فاتح اكتوبر 1968 سجل 508 تلميذا وانتهى رقم التسجيل في العدد 2142 مع غياب تام للعنصر الاوربي بين التلاميذ. يذكر أن غلاف التعريفي للسجل مفقود وبالتأكيد لن يتغير اسم المدرسة في سنة واحدة ما يعني بقاء اسم الاعدادية دون تغير وبنفس الادارة.

ومن فاتح اكتوبر سنة 1968 الى 23 سبتمبر 1970  ودائما تحت ادارة نفس المدير السابق السيد عزيز الحسين تناقص عدد المسجلين في الاعدادية الى 420 تلميذا (يشار الى انه تم حذف صفة "مختلطة" من اسم الاعدادية بالسجل)

ويلاحظ أن السنة الدراسية ستبدأ انطلاقا من هذه السنة في سبتمبر بدل أكتوبر. ففي السنة الدراسية 1970/71 سجل 511 تلميذا ويبدو أن مجموعة من التلميذات سجل مصدر التحاقهم من مدرسة البنات Ecole de filles اضافة لمدارس اخرى كانت مصدرا للتلاميذ منها مدرسة أكليم ومدرسة كافيمور ومدرسة مداغ  ومدرسة سيدي بوهريةكما التحق من اعدادية احفير وتاوريرت و اعدادية ابن رشد ببركان في اطار الانتقال بين المدارس على ما يبدو. وكانت أعمار التلاميذ تتراوح بين 14 سنة  و20 وتدوم الدراسة سنتين اذ يبدو من السجل أن اغلب التلاميذ يغادرون الاعدادية بعد هذه الفترة,

وفي سنة 1971 تحولت المؤسسة من اعدادية الى ثانوية فضمت في السنتين المواليتين أي من 1971 إلى 1973 ما مجموعه 512 تلميذا ليعرف الرقم تضاؤلا منذ هذه الفترة ويستمر  في السنة الموالية 1973/1974 لما مجموعه 212 تلميذا تحت إدارة السيد بنيعيش عبد السلام.

وسنقوم في فترة لاحقة بدراسة ما تمكنا منه من وثائق دراسة تفصيلية لإبراز الجوانب الاجتماعية والسياسية والتعليمية لتأريخ هذه المدينة الصغيرة.

الجمعة، 26 يونيو 2020

الديانة الإيزيدية- مراسلة من الدكتور شهاب احمد لمنظمة أكاديمية التراث

الديانة الإيزيدية

(مراسلة من ذ. شهاب احمد لمنظمة أكاديمية التراث)

                                                          

الديانة الإيزيدية هي إحدى الديانات القديمة في بلاد وادي الرافدين حيث تم اكتشاف لوح سومري من قبل أحد خبراء الآثار كتب عليها ( إزداي ) وهي تعني عند ترجمتها : السير على الطريق الصحيح والغير الملوث. وكذلك اكتشاف معبد ايزيدا في بورسيبا ( معبد الإله نابو إله الحب والجمال ) كلها مؤشرات على ان هذه الديانة قديمة بطقوسها المرتبطة بالطبيعة التي يتم ممارستها حتى يومنا هذا وترجع حسب اعتقاد هذا المكتشف إلى الألف الثالث قبل الميلاد

فتيات إزيديات في طقوسهم الخاصة

حاول العديد من الكتاب لدوافع سياسية أو أهداف أخرى أو الاستناد إلى الأقوال الغير الصحيحة بحقهم إلى إلصاق التهم جزافا بهم وربطهم بيزيد بن معاوية الأموي وظهور الشيخ عدي بن مسافر أو بيزيد بن أنس الخارجي( الخوارج ) أو بالزردشتية أو عبدة الشر ووو غيرها من الاجتهادات الشخصية من قبلهم والتي هي محل خلاف حتى يومنا هذا للأسف الشديد لأن العديد منهم يكتبون بحقهم ويؤلفون قصص لا أساس لها من الصحة ,

لقد حافظت الديانة الإيزيدية على جذورها رغم كل الهجمات والإبادات التي تعرضت لها على مر التاريخ استنادا لصدور فتاوي تجيز قتلهم وسبي نساءهم وعدد الابادات كما هو موجود لدينا 74 إبادة رغم أنها ديانة غير تبشيرية تؤمن بالله الواحد الأحد حسب الأقوال الدينية والأدعية والصلوات وهذه إحدى تلك الأقوال حسب الترجمة العربية  :"يارب علا شأنك، وعلا مكانك وعلا سلطانك ياربي أنت الكريم وأنت الرحيم ياربي دوماً أنت الخالق ودوماً لك يليق الحمد والثناء". وهنا أتساءل هل يمكن لقوم يشركون بالله ويعبدوا الشر أن يمدحوا الخالق بهكذا كلمات!!! 

لدى الايزيديين كتابان مقدسان هما "المصحف الاسود" و "الجلوة" والتي تم تحريفها نتيجة الإبادات التي شنت عليهم, ولا تتوفر في الوقت الحالي اي نسخ اصلية للكتاب وما موجود حاليا هو علم الصدر والذي قام رجال الدين بحفظه في صدورهم ونقله عبر اجيال حتى يومنا هذا خوفا من التعرض للمضايقات والقتل. 

علاقة الملك طاووس بالديانة الايزيدية:

 يعتبر الملك طاووس ملك الملائكة عند الايزيديين ولديه منزلة خاصة لان نوره من نور الخالق سبحانه وتعالى وهو بعيد كل البعد عن الافعال الشريرة لأن الايزيدي يعتقد ان الله هو مصدر الخير والشر ولا وجود لاله شر فعلي لانه من المستبعد تماما في المفهوم الايزيدي وجود اله للشر يحارب من يؤمن بالخير ولهذا السبب اتجه البعض لاتهام الايزيديين على انهم يعبدون اله الشر التي لا وجود له اصلاً في معتقدات ديانتهم

الطبقات الدينية والأعياد والمناسبات:

 ينقسم الإيزيديون إلى ثلاثة طبقات دينية هم "البير" و"الشيخ" و"المريد" يمنع التزاوج بينهم ولكل طبقة واجبات ومسؤوليات خاصة بها. لدى الإيزيدية اعياد خاصة بهم أهمها عيد رأس السنة الإيزيدية في أول اربعاء من شهر نيسان حسب التقويم الشرقي والتي يسبق الميلادي بـ 13 يوم وكذلك عيد الصوم ( عيد ايزي اي الرب ) في شهر كانون الأول الحالي ثلاثة أيام( الثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة تكون العيد ) وكذلك عيد مربعانية الصيف والشتاء حيث يصوم رجال الدين 40 يوم في الصيف و 40 أخرى في الشتاء وأعياد أخرى. السكن الحالي والتعداد السكاني يسكن الإيزيديون بالوقت الحالي بالدرجة الأساس داخل العراق في قضاء سنجار شمال غرب محافظة نينوى وناحية بعشيقة وعدد من المجمعات والقرى ضمن سهل نينوى وناحية بعذرا ومجمعي خانك وشاريا وديربون ضمن محافظة دهوك . كذلك يتواجد الإيزيديون في سوريا ( حلب والحسكة ) وكذلك جنوب تركيا وارمنيا وجورجيا وروسيا. يبلغ تعدادهم في العراق أقل من مليون نسمة اغلبهم نازحين في كوردستان العراق لحد الان نتيجة الهجوم على بلدتهم سنجار في آب اغسطس 2014 والتي راح ضحيتها ما يقارب من 6000 انسان بين قتل واختطاف. اللبس التقليدي والزواج لدى الايزيدي ملابس خاصة عادة تكون بيضاء لأن هذا اللون يعتبر مقدس لديهم وخاصة رجال الدين اما في مناطق أخرى الازياء تختلف من منطقة إلى أخرى نتيجة اختلاطهم بالعرب من جهة والكرد من جهة أخرى. يتزوج الإيزيدي من إيزيدية حصراً ومن طبقته الدينية ولم يتم تحديد عدد الزوجات المسموح بها في أقوالهم الدينية الأغلبية منهم متعلمين في الوقت الحالي نظرآ لتطور الحاصل في نواحي الحياة وبناء المدارس والاهتمام بها وتشجيعهم إذ أن اغلبهم سابقا كانوا في مناطق صحراوية يهتمون بالزراعة ورعاية المواشي بالدرجة الأساس وكذلك عدم وجود المدارس والوضع المادي لهذا ابتعدوا عن الدراسة حالهم حال المحيطين بهم نظرآ لأوضاع البلد أثناء الاحتلال البريطاني وبداية تأسيس الدولة العراقية 1920. تم اضافة الديانة الايزيدية الى الدستور العراقي على اعتبار انها الديانة الثالثة في العراق بعد الاسلامية و المسيحية وتم تخصيص مقعد كوتا خاص بهم في البرلمان العراقي ومقعد واحد في مجلس محافظة نينوى على اعتبار ان اكثريتهم يسكنون محافظة نينوى شمال غرب العراق.

  شهاب احمد


تسجيل القفطان المغربي كعلامة جماعية دولية: انتصار للتراث المغربي

تسجيل القفطان المغربي كعلامة دولية – أكاديمية التراث تسجيل القفطان المغربي كعلامة جماعية دولية: انتصار للتراث المغر...