ترجمها للعربية الباحث: عبد الله لحسايني
ترجمة لمقطع من كتاب
"المغرب ، تدوينات مسافر(1858-1859)" لـ M. Léon GODARD
الساكنة المغربية
تنقصنا الاحصائيات اليقينية لضبط عدد ساكنة المغرب إلا
إن تحدثنا عن معطيات تقريبية.بالنسبة للكتاب الانجليز فعدد المغاربة يرتفع 16
مليون ، ويعزى ذكر هذا العدد لرغبتهم في تمجيد هيمنة انجلترا على امبراطورية
السلطان عبد الرحمن. وبإنقاص هذا العدد إلى النصف ، نكون أقرب للرأي الشائع والمعقول.
من المشرف لسلطان فاس بان يحكم جهات آهلة بالسكان ، وليس أن يحكم جهات قاحلة. لكن
الحيطة تمنعه من ذلك. تبعا لقانون سليمان القائل : كثرة الشعب شرف للملك، وندرة
عدد الساكنة عار للأمير"
تعرضت العائلات
الرئيسية -التي لا تتمتع بخصوبة خاصة - لعواقب السياسة الشرسة لحكامهم وللتنظيم
الاجتماعي المعيب. في المغرب كما في باقي افريقيا الشمالية ، تتوزع القرى في
مساحات شاسعة. فبأخذنا لمعدل مقارن لعدد ساكنة أهم المناطق الساحلية المعروفة
للأمبراطورية (المغربية) من الصعب تحديد العدد في أكثر من 6 أو 7 مليون ساكن.
متفرقين في مساحة تقارب 60 الف كلمتر مربع، اين يمكن ان نجد كل المناخات انطلاقا
من المناخ الحار للواحات التي تنضج التمر البني للتفيلالت، إلى مناخ أعالي قمم
الاطلس الكبير، والتي تصل كـ ميلتزين إلى 3475متر من العلو، اين يوجد نبات الأشنة
والجليد الدائم.
ما أروعه من موقع جغرافي ! 1500 كلمتر من الساحل.
ثلثاه على المحيط وعلى أحد أكثر الممرات حركية وأهمية في العالم. قريب من أوربا،
مجمع من قناة عرضها ثلاث أو أربع فراسخ في إفريقيا. به نسق من الجبال تل تفرعاتها
إلى تمبكتو، وكانه يشير إلى الطريق نحو دول السود. إن الرب الذي خلق هذا الكوكب،
والذي وزع عليه الأمم ، جعل أقدارهم متناسبة مع الأدوات والوسائل التي وضعها بين
ايديهم : الشعب الذي لايستعمل هذه الوسائل قد يفقدها، ويستحق أن يتحول إرثه إلى
الآخرين. وهذا ما حصل بعد وقت معين، حسب القانون الذي ذكره فيكو Vico : إمبراطورية العالم من حق الأفضل. كان على المغرب
ويجب عليه ان يكون الخط الرابط بين اوروبا وأفريقيا، بين العرق السامي والعرق جافي(ربما الحامي)، واحد الأدلة على ذلك
العرق الأسود الذي يتواجد بكثرة هناك، ولكن وعلى العكس من ذلك، فالحكومة المغربية التي
لا تفهم أبدا ما سبق، تحاول فصل ما وحده الرب، ويعارض بقوة خلق العلاقة وتبادل
المنتوجات والأفكار. إنها تسير ضدا على الجغرافية الخاصة بها ، وبالتالي ضدا على
خطة القدر. ولو اندمجوا في هذه الخطة وعلى غرار باقي الدول الاسلامية لأثبتوا بأنه
ومنذ المسيح لا يمكن للحضارة بأن تتشكل بشكل قوي ولا أن تأخذ مكان حضارة أخرى دون
المعمودية.
يبلغ عدد السود في المغرب حوالي 600.000 شخص، ويتمتعون
بوضعية أحسن بكثير من الدول الأخرى التي يختلطون فيها مع البيض. فهم يلجون إلى كل
مناصب الشغل، وينظر إليهم بشكل جيد من طرف الجميع. فالحاكم الثاني في فاس أسود،
والحرس السلطاني أسود، الحريم السلطاني يحتوي على بعض من السود، بل حتى في حريم
سيدي محمد الوريث المفترض للعرش، فالسلطان وكل أبنائه تقريبا من الموالي، وهذا ما
لايسهم إلا قليلا في محو فكرة دونية العرق الاسود في ذهنية البيض. إذ من النادر أن
تتزوج بيضاء من أسود حتى لوكانت مسلمة. فهي تشعر برعب غريزي تجاهه.بالنسبة لطنجة
فهي لا يوجد بها إليوم إلا حالة واحدة من هذا الزواج، رغم ما يظهره العرق الأسود
من مساواة اجتماعية . وعلى العكس يبدي الرجال رغبة في النساء السوداوات. ربما هذا
الاختلاط الغير معتاد لعرق متدني ربما تسهم في منح المغاربة وحكوماتهم سمات
الهمجية التي تميزهم بين الشعوب المحمدية. لا يمكن تمييز سود المغرب، فهم يشبهون
سود الجزائر في الجسم والنفسية. وهم في الغالب موسيقيين، لهم ابتسامة النعيم
البلهاء التي كانت متالقة في وجه شام حين استدعى سام ويافث للسخرية من أبيهم. إنه
من نافلة القول إضافة أن لعنة نوح لاتزال تبدو على ذرية سام حتى في المغرب. هنالك
جزء من السود عبيد، وتجارة العبيد هو مصدر واسع ولايزال في السلطنة الشريفة.
سنتحدث عنه لاحقا.
الجنس الموري يشكل جزءا من الساكنة المغربية ، وينقسمون
إلى مور اسبانيا ومور الشام. هؤلاء من أصل عربي قح وهم متواجدون في المدن أو
يعيشون حياة البداوة في القرى. أما مور اسبانيا الذين اختلط ألهم مع الأمازيغ في
وقت الغزو العربي الذي أغرق شبه الجزيرة الايبيرية يسكنون خاصة في المدن حيث
يهتمون بالتجارة والصناعة، وقد لجئوا إلى كل من تطوان وفاس والرباط بعد خروجهم من
اسبانيا منذ عهد فيرديناند وايزابيل إلى عهد فيليب الثالث 1481-1613 . بالنسبة
لمور تطوان وسلا فقد كانوا قراصنة لكنهم يحملون اكثر المشاعر عداوة للمسيحيين، وهم
يبدون لي في تطوان أكثر هدوءا وأقل تعصبا. اكثر الكتاب الذين كتبوا على المغرب
لاحظوا أن عددا من العائلات المغربية اليهودية أو المورسكية لايزالون يتصلون بفروع
مسيحية معروفة في اسبانيا، خصوصا في غرناطة وقرطبة. بالنسبة لكاستيو بغرناطة لديهم
عوائل في تطوان، وهم لايزالون يحتفظون بأسماء ممتلكاتهم القديمة في غرناطة.
بالنسبة لفارغاس بغرناطة لهم روابط بعوائل مسلمة بطنجة وتطوان. أذكر من بين
نبلائهم في تطوان "المدينة، السوردو، الأراغون، السلاس " الذين لعب
أجدادهم دورا في زمن النضال البطولي الذي انتهى في 1492 باستسلام أبو عبد الله
محمد. تظهر الروابط مع الاسبان بتطابق الاسماء. فمحاكم التفتيش غيرتها لهم عند
التعميد.كما هو الحال في أغلب التسميات التي تنتهي بEZ أو O أو Zo فقد تم تسمية المعمدين
الجدد ب Aguado المميه، Romero المعطر أو بتسميات
مشابهة.
العرق السائد في المغرب هو العرق الأصلي البربري. نقسمه
إلى أمازيغ وشلوح . لا يوضح الكتاب بمعلومات كافية بخصوص الخط الفاصل بينهما
وحدودهما وأعدادهم أو أن – المؤلفين – يتناقلون فيما بينهم للمعلومات المتعلقة بها
الموضوع. ألاحظ أن الناس في المغرب يسمون البدويين باسم البربر أوباسم منطقتهم ،
ويخصصون تسمية الامازيغ لناس سوس. ويدعون أن السكان الأصليين لسوس لا يتفاهمون مع
البربر وبأن لغتهم لا تكتب إلا بالحروف العربية ، بينما البربر لهم حروف خاصة بهم في المغرب كما في الجزائر. ويبدو أيضا أن ساكنة
جزر الكناري الذين يحتفظون بلغة الكوناش يفهم أجدادهم لغة سوس. يمكننا أن نقبل
المعلومات الجردية الواردة من ملاحظين أذكياء مغاربة وعالمين بمغربهم كالسيد
داريمون من طنجة ومن تريباس من موكادور (الصويرة).
المسلمون المغاربة هم بشكل عام متعصبون، لكن المحمدية
ابعد ان تكون متبعة في كل تعليماتها من طرف البربر، وتخلط من طرفهم ومن قبل السود
بمجموعة من العادات والخرافات. الدكاترة ، كما في الجزائر، يحكمون بكتاب سيدي خليل
، الفقيه المالكي المعتمد في كل المغرب. ان تعصب المسلمين من جهة ، ومن جهة اخرى
الممارسة الطقوسية القليلة للكاثوليكيين تبين أن لا تقارب بين الديانتين. وقد
أدهشني بقراءتي لمقال في جريدة la Epoca لشهر دجنبر الماضي ، ورود قصة لثبلث مورسكيين
محكومين بالاعدام في طنجة لأنهم ارادوا هجرة المغرب لاعتناق المسيحية. فاستطاعوا
اللجوء في دار البعثة في القنصلية الاسبانية، ومتعهم القنصل بلانكو ديلا فالي
بحمايته الخاصة وأنقذ حياتهم. تلك كانت قصتهم كما ذكرت الجريدة الوزارية.
لم يكن من النادر ملاحظة رمز الصليب في أوجه النساء
البربريات الموشومات في الوجه وفي العنق. الشيء الذي سبق وان أدهشني في القبايل
وفي الواحات الصحراوية الجزائرية. السيد ديرموند هاي ، ويؤكد القنصل الحالي
لانجلترا في طنجة وجود اعراف أخرى ظهرت له تحفظ بقايا الديانة الكاثوليكية وقد ذكر
من الأمثلة أدعية النساء في وقت الولادة المتعسرة : " يامريا ، يامريا ،
تعالي سريعا دون تأخر تعالي إنها امرأة تبكي"
طلب مني هنا أن استنسخ جداول احصاء الساكنة المغربية
المعدة لتبيان عدد كل عرق، الاعتباطية تلعب دورا كبيرا في هذا الصدد. لقد تجرأت
على الملاحظة بأن السيد Renou في كتابه حول المغرب
المنشور من اللجنة العلمية المكلفة باستكشاف الجزائر ، يظهر إنقاص مبالغا لساكنة
المدن الرئيسية. في غياب الحالة المدنية، لدينا وسيلة مهمة للمقارنة والتقريب،
يتعلق الأمر بسجلات المعابد التي تسجل يهود الملاح في كل مدينة. تصلح هذه السجلات لضبط
ضريبة حق الرؤس الذي يجب على الاعضاء دفعها للسلطان. وبذلك ألا يمكن بالاعتماد على
نسبة اليهود في كل مدينة مقارنة مع المسلمين، ان نتوقع نسبة بينهما اعتمادا على
المساحة التي يقطنونها.
صحيح أن اليهود في ملاحهم أو في كيتوهاتهم يتجمعون بشكل
عام في منملة، وبأن الموريين يأخذون مساحات أكبر . لكن ورغم الاخذ بعين الاعتبار
لهذه الاختلافات إلا أنه من الواجب اتخاذ رقم أكبر من الرقم الذي تبناه السيد
رونوبالنسبة لعدد الساكنة الحضرية. ضف على ذلك أن الربيين اليهود يسجلون أعدادا
اقل من الواقع حول ساكنة الملاح بغية دفع ضريبة أقل. والحكومة لا تريد بذل مجهود
اضافي في الإحاء لذا فهي تعتمد على سجلات المعابد.
حسب تقارير يهود كثيرين ، فإن عدد إخوانهم في الديانة قد
يكون حوالي 2700 في طنجة و12000 في تطوان و7000 في الرباط و600 في الدار البيضاء
و2500 في أزمور و3000 في آسفي و7 أو 8آلاف في موكادور و10000 في مكناس و 35 أو 40
الف في المغرب ( ربما يقصد مراكش) و50 أو 60 ألف في فاس.
لكن ماذا سنفعل بالأرقام المدلى بها من طرف جغرافيينا
الحاليين؟ السيد لافالي في طبعته الجديدة، الجغرافية العالمية لمالط برين، يقدر عدد ساكنة فاس بـ 30 إلى 40
الف ساكن ، ومكناس ب 15000 ومراكش 3000. يعتقد المغاربة أن مراكش تحتوي على 300ألف
ساكن، نفس العدد تقريبا بمراكش وبمكناس 80ألف .
اليهود المغاربة
يرتفع عدد اليهود المغاربة إلى 450 ألف، وليسو جميعا من
اللاجئين الفارين من إسبانيا أو المهاجرين القادمين للتجارة. هنالك في جبال سوس
قبائل من السكان الأصليين كلهم يهود ويقطنون بمدن تشبه مدن البربر. المرحوم
دفيدسون زار إحداها سنة 1836 في سفره لواد نون حيث لقي حتفه.
وقد وجد العرب الذين غزوا افريقيا الشمالية قبائل مشابهة
في جنوب طرابلس . هل جاءوا من الشعوب التي قدمت من الشرق في العهد الفنيقي كما
ينقله التراث المظلم للمؤرخين المسلمين؟ أو أنهم اعتنقوا اليهودية من طرف يهود
الشتات الذين مارسوا تبشيرهم على عدد كبير من القدماء؟ الفرضية الأولى جد محتملة. كما يؤكد لي مجموعة من اليهود الاسبان فإن لغة
يهود سوس هي كلدانية محرفة. ولكن ليس الى درجة أن تكون مفهومة للربيين الذين
يعرفون اللغة الكلدانية الأشورية أو لغة التلمود. أما من حيث الانتماء الارثدوكسي
لهذه القبائل، فبعض المعابد اليهودية تنكر معرفتها بهم والمعابد الأخرى تقر.
إن أغلبية اليهود المغاربة هم يهود لاجئين من أوربا في
العصر الوسيط خوصا من اسبانيا تحت حكم فيليب الثالث وأسلافه. ويميزون بالعنوان
المفرد بـ"ذرية كارثة قشتالة" Guerous de castilla . فاربيون يستعملون في اعراسهم وقضاياهم عبارة
" الكل حسب عادة قتشالة".
إن القدر
المأساوي لهذه الأمة اليهودية هو قدر إنسانيا غير قابل للتفسير. وهو أكثر
حزنا مما يمكن تخيله. رغم أنهم مدينون للسلطان عبد الرحمان الذي عاملهم في حكمه
بلين وتعامل أقل قسوة مقارنة مع باقي أسلافه الشرفاء. ففي عهد هؤلاء كان الملاح
يعني الأرض المتسخة ،و القاحلة والملعونة اصبحت نوعا من أنواع الجحيم. سنين قليلة
تمر قبل أن يتعرضوا للنهب من جديد. لم ينس اليهود ابدا هذا النوع من الكوارث الذي
كانوا ضحاياه في فاس، في آوخر القرن الأخير من طرف احب النزوة الشرسة محمد يزيد،
ابن المرتدة الانجليزية لالة زرزيت، والذي أحيانا، حين يطلب منهم أحد الموريين
مالا ، بدل أن يعتذروا بعدم توفر المال لديهم يسألونه : لم تكن في حادثة نهب فاس
الجديد إذن؟"
حي اليهود هو فاس جديد، كان من العرف أن يدفع اليهود عبر
"ثلاثية" اليهودية متأخرات ميزانية الجنود. وقد تم تدمير ملاحات تطوان
والعرائش والقصر من اليزيد. وإن كان دم اليهود لم يعد مراقا كما كان من قبل فهم لا
ينجون من محاولات الابتزاز والإهانات الكثيرة التي يتعرضون لها. يقال أنهم في روما
لا يمرون تحت قوس النصر لتيتوس، لكنهم يحتفضون بأحقاد مماثلة في البلدان المماثلة.
لا أعلم أي طريق يجب أن يأخذوه.
حق الاستسلام المفروض على اليهود المغاربة يختلف حسب
المدن. يقدر متوسطه في 8 فرنكات ويؤدى حتى على الطفل الرضيع . وتزيد الحكومة من
السعر كل سنة دون تدقيق. يدفع أغنياء اليهود عن فقرائهم كما تقر قرارات رؤساء
التجمعات. لأن اليهود المضطهدين من قبل المسلمين، يتضمانون فيما بينهم في الضيق.
فهم يتذكرون جيدا الوصية الموجودة في سفر التثنية:" لن يوجد بينكم فقير ولا
متسول" حين يصل وقت الأداء لا يتوصلون باي إشعار، ثمانية أيام تفصلهم عن
الأداء إذا لم يؤدوا فإن حاكم المدينة له صلاحية إطلاق حملة نهب على الملاح. على
كل ألف وحدة نقدية تضاف خمسين للحاكم والجنود الذين يجمعون الضرائب. كما أن عليهم
أن يؤدوا هدايا للحاكم في الأعياد الأربعة الكبيرة في السنة الإسلامية.
يمنع على اليهود الفلاحة واكتساب العقارات والاراضي خارج
الملاح، كل عقار يتواجد في الملاح في ملكية مسلم لايمكنه ان يباع ليهودية الا
بترخيص خا من طرف السلطان أو الباشا باسم السلطان. فالحاكم يخشى من تحويل رؤوس
أموال اليهود إلى عقارات.
لا أعتقد أن اليهود في المغرب يقرضون بنسبة فائدة 300 في
المائة كما قال المرحوم ري في كتابه ذكريات سفر الى المغرب ص 89، ولكن بشكل عام
لايهتمون للنسبة المتداولة في افريقيا 12 في المائة . لقد اقترضت من أحد شرفاء
اليهود بنسبة 30 في المائة. وهو النسبة العادية المتعارف عليها والمقبولة بين
مواطنينا. يمكنني أن أتوقع أن نسبة الفائدة في السوق السوداء قد تكون أكثر.
إن أغلب اليهود في المغرب يمارسون الغش والسرقة ، ولا
نتحدث عن الذين لهم علاقة مع الأجانب والذين قد يكونوا شرفاء. ولكن اتحدث عن الذين
يستغلون المسافرين ببيعهم منتوجات بأكثر من سعرها.
لايستطيع اليهودي أن يركب فرسا في المدينة ولا حين يذهب
الى المدينة، على عكس القرية، ولا يستطيع رفع يده ضد مسلم ولو للدفاع عن حياته إلا
إن اعتدي عليه في منزله. والا تعرض للاعدام. قبل سنتين تعرض احد اليهود للضرب من
أحد المسلمين المتعصبين وتجرأ اليهودي على دفع المعتدي لكن اليهودي كان جزائريا
وتدخل قنصل فرنسا لدى باشا تطوان لحمايته.
اللون الأخضر هو من خصوصيات الأشراف، واليهود ممنوعون من
الألوان الزاهية. وهم ملزمون بلبس المعطف الأسود أو الأزرق الغامق. (يلاك) ويتساهل
معهم في لبس السلهام الأبيض. وهم ممنوعون من القاء غطاء المعطف الأزرق على الرأس
حتى لا يشبهوا من بعيد الموري. كما عليهم أن يفتحوا المعطف على اليمين وبأن ينزل الغطاء
على الكتف اليسرى لإعاقة حركة اليد، وهي طريقة أخرى لإظهار صفة العبودية.
شهادة اليهودي لا قيمة لها في العدالة. امام القاضي لايتكلمون
إلا وهم في وضعية القرفصاء، في الطرقات إن مروا على المساجد أو الزوايا أو الأضرحة
أو أبواب أحد الشخصيات، فعليهم المشي حفاة، وكذلك حين يظهرون أمام السلطات
المغربية. كما أنهم لا يلبسون أحذية في الصيف . بل هنالك مساجد وأضرحة وزوايا لا
يمكن لليهود الاقتراب منها تحت أي ذريعة وإلا تعرضوا للتقطيع أشلاء.
في السوق حين يشتري موري شيئا يصلح للأكل فاليهودي ليس
من حقه أن يزايد عليه. ليس من حق اليهود أن يتزوجوا دون رخصة الحكومة، ولايمكنهم
حمل امواتهم للمقبرة الا جريا، وإن تصادف والتقوا بعزاء مسلمين فعليهم اخفاء الجثة
بسرعة خوفا من النجاسة.
يمكن الاختصار بالقون أن ماتعرض له اليهود يشبه ما تعرض
له يسوع المسيح من آلام وعذابات. من النافل القول أنهم يتمنون الاحتلال الاوربي
لبلدهم، إنهم يريدونه حتى لوكان من الاسبان الذين لايزالون يحتفظون بذكريات سيئة
عن تعاملهم معهم. يوجد من بين اليهود أناس أذكياء جدا ، ونحن نرى أن ذهنيتهم حادة ووقادة
عن طريق التفكير والحذر والحكمة. على افتراض وقوع الاحتلال، سوف يؤدون لنا خدمات
جليلة ، علينا فقط أن ناخذ بعين الاعتبارات انطباعات المسلمين عنهم وأن لانتبنى
قضيتهم بسرعة كما فعلنا في الجزائر.يتحدث اليهود بالاسبانية ويتميزون بقدرتهم على
تعلم اللغات على الاقل في ممارساتهم شؤونهم. هذه الموهبة الالهية اعطيت لأمتهم التي اسند لها لمدة طويلة
مهمة نشر الحقيقة على الشعوب.
بسبب نقص المدارس والمستشفيات يعاني اليهود في المغرب من
معاناة شديدة متنوعة. اتمنى لو يقلد اليهود كرم السيد سولومون دو روتشيلد. فقد زار
تطوان سنة 1858، وتأثر بالحالة الصحية لإخوته في الدين فبعث لهم طبيبا يهوديا من
اصل هنغاري.
من المأمول أن ينال أكبر عدد من اليهود صفة محميين التي
تربطهم بإحدى القنصليات الاوربية، لحمايتهم من اضطهاد المسلمين. لكن عليهم أن لا
يستعملوا هذه الميزة بتعسف. فقد أصبح القناصل يتخوفون من منح صفة محمي بسبب كثرة
الشكايات الكاذبة التي يقوم بها المحميون. كما أنهم يعتقدون أنهم أصبحوا يمتلكون
حق الوقاحة في مقابل من لا يمتلكون صفة محمي.
ومن ناحية دينية ، يبدو أن اليهود المغاربة يتابعون بدقة
الاحتفالات والطقوس الخارجة عن شريعتهم، حيث يغلب التلمود عن التوراة. يبدون
متشبعين بالخرافة . لقد حضرت في معابدهم وأحطت بالضيافة في منازلهم في احتفالاتهم
العائلية في الطقوس المقدسة. كتبهم الطقوسية تأتيهم من المطابع العبرية في فيينا.
يشكل اتباعهم للطقوس بشكل حرفي ازعاجا للأوربيين أو
القناصل الذين يمدونهم بصفة المحميين. فهم
يفرقون بين المهم والأقل أهمية حين يتعلق الأمر بيوم السبت حيث لايعلقون
ممارسة شؤونهم فقط بل وأي عمل حتى لو كان فعلا عاديا وضروريا للتجارة اليومية.
وقد كان الربيون يعاقبون بأشد العقوبات كل تقصير لهذه
التعاليم، حتى ان احدى الخادمات نسيت قداسة يوم الجمعة مساء فأعطت شمعة لاحد
الاجانب ما أوقع بها كفارة صوم 24 ساعة.
بدل ايقاع العقوبات على المرأة المسكينة الم يكن من
الواجب تنويرها لتتجنب الخرافات التي تجعلها اقل مستوى من المورسكيين؟ تقوم
العجائز اليهوديات بالركوع في التعبد لأن المسيحيات يلين بتلك الطريقة، وجدت في
رؤوسهم خرافات مستوحاة اسلامية من كتاب الذكريات كتاب الأذكار للمريوني وللشيخ
مولاي احمد في سفره والذي نشر ترجمة له السيد بربروجر.هنالك العديد من الأمور
المتواجدة في التلمود والتي تجعل من العب على اليهودي اندماج مع الشعوب الأخرى.
لايوجد كثير من المرتدين اليهود، والذين يتركون المعابد
ويذهبون للمساجد يرجعون إليها في الغالب بعد ذهابهم لجزائر.
يخلد اليهود المغاربة بتبجيل وتقديس ذكرى الشهيدة صول
أشوال التي يعجب ببطولتها حتى المسلمون. من الجدير بالملاحظة أن اليهود لم يعودوا
يتحدثون عن النبوءات ولا عن المعجزات في ديانتهم وكأن مصادر هذه الخوارق قد جفت .
نذكر حالة يهودي اعتنق الإسلام فسمم نفسه كعلامة عن التوبة، فأخرجه اليهود من
مقابر المسلمين وحاول المسلمون أخذه من مقابر اليهود وإذا بخرة تسقط من السماء فوق
القبر مما جعل من المستحيل إخراجه منه. ويحكى أن الموريون أجبروا أحد اليهود
الكبار على الاستسقاء بعد سنين من القحط ومن الدعاء من طرف المسلمين دون فائدة،
ولما قام العجوز اليهودي بالدعاء سقط المطر وتوفي في اليوم الموالي. وهذه من قص
المعابد المغربية في شمال المملكة.
لايمكن التغاضي عن جمال اليهود الي خلده الفنانون
والرحالة ، رغم نفورهم من اليهود إلا أنهم مجدوا جمال نسائهم وبناتهم. لكن في
الحقيقة هذه الموهبة هي اقل جمالا حين تقارن بالجمال المسيحي. في المغرب يمدحون
الجمال اليهودي التطواني والمكناسي للتعبير عن الجمال الرائع. فنستخدم صفة
المكناسية كما يستخدم لفظة رفايليسة في الايطالية.
تلبس الخادمات اليهوديات المعوزات التنورة الهندية بينما
تلبس الفتيات المجاورات للموانئ أقمشة قطنية.
بالنسبة لتقاليد الضيافة عند اليهود يعتبر تقديم الفتاة
المخطوبة وهي لابسة أغلى الثياب كأدب
الضيافة.السفيفة أوالتاج القماشي المذهب والمجوهر الذي يربط وراء الرأس بواسطة
اشرطة ويمسك غطاء الراس المشع بالحرير والذهب. الخرصة : حلقات عريضة للأذن اين يشع
الماس. الخواتم أو الأنيوس:خاتم برسم عتيق. الرولوس أو النبايلس : تاسر المعصم بشكل دائرة معندنية.
الغجر
بالاضافة إلى البربر والامازيغ والشلوح والعرب والموريين والبدوين وبالاضافة
إلى السود واليهود نجد في المغرب عرقا تائها لانعرف اصوله.يشبه العرق البوهيميين
في فرنسا والخيطانوس في اسبانيا والسيكانوس في البرتغال .. في المغرب هؤلاء الرجال
فرسان كما في الجزائر وانجلترا. نساؤهم يقرأن الطالع وينافسن سحرة سوس. هل هم شعب
متجانس؟ بما أن لهم تشابه جسدي واستعمال لجمل متشابهة. هل يكونون من بقايا الفرس
الذين استعمروا مصر؟ يعتقد السيد دروموند هاي أنه تعرف على دم القوط الغربيين في
الامازيغ ذوي الشعر المجعد والعيون الزرقاء. لكن كيف يعلم أن هذه الصفات المتوافرة
بكثرة عند البربر في الشرق او القوط لم تفد من الخارج.
المنشقون:
يوجد العديد منهم في الإيالة المغربية وهم في الغالب من
أصول اسبانية. وهم الفارون من السجون العسكرية ومن قواتنا في إفريقيا على حدود
وهران.يتم إدماجهم بسهولة في قوات السلطان ويشتغلون غالبا أما في المدفعية أو
الموسيقيين.
من بين هؤلاء البؤساء هنالك مغامرين من حصلوا على ثروة
ومناصب عالية. لكن الغير مجندين يعيشون وضيعة مزرية. أحيانا وبالدفة قد يشتغلون في
مهن إن كانوا عمالا في اوربا لأن ذلك يمنحهم أولوية على حرفيي المغرب. وهم يعانون
من احتقار من المغاربة لذا يحاولون إخفاء الأسباب التي جعلتهم يصيرون إلى هذه
الحال. فيقولون أنهم ضباط صف سابقون .وأنهم ضحايا لظلم السلطة العسكرية، وأن
تمردهم هو انتقام ووسيلة للهروب من عقوبة غير عادلة وغير مستحقة لإدارة تسلطية وفي
الحقيقة هم إما فارون من جرائم القتل أو السرقة. أحيانا يعترض القنصل الفرنسي أو
الباشا على اعتناقهم الإسلام الذي يريدون منه التكسب في المغرب. فيطلب منهم اثبات
دخولهم في الاسلام بوثيقة رسمية لدى القاضي فيذهبون دون عودة. وقد عمت حالة من عدم
الثقة لدى المسلمين في المسيحيين المنشقين.
العبيد المسيحيين
بتعدادنا لأنواع الساكنة المغربية لا نجد بفضل الله اي
عبيد مسيحيين، فالأشراف (ملوك المغرب)
ومنذ مدة طويلة أعطوا ضمانات لمحو الاستعباد المسيحي الاسلامي . وقد أخذ
هذه المبادرة كل من سيدي محمد تحت عهد لويس16 ، ومولاي سليمان تحت عهد لويس 17
وقبل حملة lord Exmouth, حيث تم المنع النهائي
للاستعباد ، وفي 1817 اشترى عبيد واد نون
والصحراء وضحايا السفن المحطمة. وقد أخذ المولى عبد الرحمان تعهدات شكلية، حيث أنه
لايمتلك القدرة على تنفيذها في الريف ، ولكن حسن نيته جدية . وكان يخشى من استغلال
حسن نيته لشعل فتيل حرب.