قراءة في الدلالات الميثولوجية لواولوث
للباحث
عبدالله لحسايني
الاساطير هي مرويات مكتوبة او شفهية تخزن
معالم الفكر الانساني المجتمعي والثقافي للمجاميع البشرية التي تعاقبت على منطقة
ما.
وفي أبركان تتفرد واولوث
"أولوث" بهذه اللوحة الاسطورية التي انتجتها ضاهرة طبيعية وحافظت على
استمرارها نفس الظاهرة.
في
أور العتيقة كان الفرات يلخص تصرفات الآلهة المزاجية . فكان الرحيم الذي يغدق على
شعبه بالخصوبة والرزق. لكنه الغاضب الذي لايغفر ازعاج البشر للأنوناكي الآلهة
العظام. فيغرقهم بالطوفان ولا يبقي منهم الا نفسا واحدة تسلمت تسريبات
"ويكلكس" عن القرار عبر الاحلام

هذه
الظاهرة الطبيعية المتناقضة للفرات بين المنح والتدمير والخير والشر لايمكن أن تمر
دون أن تخلق ظاهرة أدبية اجتماعية تلخصت في اسطورة طوفان الالهة
وكذلك
"ضاية" أولوث العجيبة الشكل ، لايمكنها إلا أن تستفز الابداع الجماعي
للساكنة المتعاقبة على المنطقة.
ولأن
الإنسان متشابه من حيث منطلقاته ، مخاوفه وآماله، ولأن الإنسان محاط بالتصرفات
الصادرة عن الأشخاص العاقلة أو المدركة فإنه يلجأ لشخصنة الظواهر التي لايدرك
أسبابها الطبيعية. فالطوفان قرار الالهة عقابا للإزعاج البشري وضاية أولوث قرار الأولياء
الثلاثة عقابا للبخل الذي عوملوا به من أهل القرية أو أهل العرس حسب الروايات..
تتلخص
حكاية الطقوسية في بناء سردي غير مكتمل المعالم. اذ تغيب عنه خاصية التشويق ويغلب
الطابع البدائي في المضمون الوعدي الوعيدي، ان الخوف والرجاء الذي يحيط بمكونات
السردية الشعبية "أولوث" يحيلنا إلى النسق الديني الوعظي الذي لا يتشعب
في التشويق والاثارة كما يفعل الأدب. بل يستغل القصة للوعظ -أنظر قصةالنيام السبعة
في التراث المسيحي- أو يستثمرها في الاقناع الديني والاعتقاد الطقوسي. بالنسبة لسردية
أولوث فقد استعملت اكثر في الجانب الطقوسي
ان
أولوث لغير ناضجة أدبيا، هي مكتملة البناء ميثولوجيا. اذ لوكانت الظروف الزمكانية مختلفة
لصارت من أساسيات المعتقد. فما المعتقدات الا افكار وتطبيقات. وهذا مانجده في
الحالة المدروسة.
لقد
تشخصنت الظاهرة الجيولوجية في شخوص مبهمة، احيانا في الاولياء التلاثة، المتجسدين
في "لمقام" وأحيانا في لالة ستي المتجسدة في منطقة النجاة أين وضعت
الكلبة جراءها وهو موضع شجرة السدرة العتيقة التي نالت القداسة أيضا لكنها قداسة
مبهمة ، فلا يعلم مالذي تجسده شجرة النجاة بين احتمال تجسيدها للكلبة المأمورة رمز
الخلاص السماوي وبين تجسيدها -أي الشجرة - للعجوز الناجية بصلاحها، أوتونابشتم
البركاني .
إن
الشك في منحى التجسيد -رغم وضوح التسمية البشرية لمكان السدرة أي لالة ستي -هذا
الشك مرده وجود شخصية أخرى متجسدة ، لا بل تأخذ نصيب الأسد من المشهد ، وهي مؤنثة
أيضا.. إنها البركة المائيةفي حد ذاتها تجسدت في السيدة الناجية فصارت تماما عند
الزائرات ضريحا له رأس وقدم..
لقد
أخذت البركة مقام القداسة بتجسد روح بطلة الاسطورة لا بل تجسيد جسدها. فهي النائمة
كما ينام الولي في ضريحه، رأسها عند صخرة تحت الجرف، أين وضعت نافذة صغيرة
"تبورجت" كمذبح القربان توضع بها قرابين الشموع.
عند
الرأس يناجى شخصية أخرى ذكر هذه المرة. عند رأس المرأة النائمة يناجون مسعود،
فيخرج سلحفاة ذكر كالروح من جسد البركة الأنثى، ويستجيب لمطالب المناجيات.