حكاية شعبية يزناسنية "دادا بوخزينة"- للكاتب :عبد الله لحسايني
حاجيتك ماجيتك ، على فتاة تسمى صابرة، سافر
أبوها وتركها وحيدة حائرة، والدتها توفيت وكبرت يتيمة، تظل تلهو مع قطتها نسيمة،
لكي تنسيها عذاباتها الأليمة..
كانت تطبخ لقطتها ما يحلوا من طعام، وتؤاكلها
كما يفعل الأنام، كانت القطة تأكل اللحم والخضر والفواكه إذ كانت صابرة تقتسم معها
كل ما تأكله، وتعاملها كأنها أختها، وتداعبها حتى تنام وتخبئها تحت فراشها حتى لا
يخطفها اللئام..
كان من بين اللئام، غول يسكن مغارة الحمام،
منظره بشع وصوته مخيف. كان حين يجوع يقلق الراحة والسكينة، يروع البادية والمدينة
ويسرق اللحوم المخزنة في الخزينة ويلتهم ما بها من زرع و مأوونة، فسمي "دادا
بو خزينة"..
كانت صابرة تعيش
بقرب المغارة، كانت قطتها تسرق من بقايا أكل الغول دادا وتأكل لوحدها، وذات ليلة اكتشفت
الفتاة الأمينة خيانة القطة نسيمة، وبينما هي تأكل تفاحة قطفتها من جنان الغول، انسلت
القطة من مخدعها وتركت المنام، وبدات تموء وتموء لكي تعطيها صابرة حقها في الطعام.
نظرت الأخيرة في وجه القطة الحقيرة، ثم قالت لها: لن أقتسم معك شيئا ايتها القطة
اللئيمة. قررت القطة الانتقام فقفزت على الطاولة وضربت بجسدها كأس الماء الذي
انسكب على نار الموقد فأطفأها.
لم يكن لدى الناس
عود ثقاب ولا أدوات لإشعال النار غير ضرب الاحجار بالأحجار، فكانت صابرة تترك النار
مشتعلة لمدة طويلة، حتى لا تشعلها بوسائل
بديلة.
كانت صابرة لا
تجيد إشعال النار، فاضطرت للبحث عن شعلة عند الغول الجبار.
اقتربت صابرة من
المغارة، وجدت الغول دادا بوخزينة ضخما الجثة كأنه سفينة، كان كان يشوي حمارا و يضع
على رأسه أمعاء الحمار ويحسبها زينة، وكان يلبس جلد الحمار وينتعل قدمه.. وكان يقهقه
في حبور ويطلق صرخات الزهو والغرور ، ويقول : أنا ملك البر والبحور..
فجأة انتبه لصابرة
فسالها عن سبب قدومها: قالت:
-
أريد شعلة من النار
أعجب الغول من حسن
صوت صابرة، وابهره قوامها ورشاقتها الساحرة. منحها قبسا من النار، ثم لحقها في خفية
ليعلم أين تسكن الصبية. وبدأ يتردد غلى مسكنها صبحة وعشيا، ويقول لها :
تزوجيني يا صبية،
أنا ملك البحور والبرية، ماذا رأيت دادا بو خزينة يفعل حين زرته في مملكته؟
أجابت صابرة في
رعب :
-
لقد رأيتك تشوي خروفـا
-
ثم يضيف ، وماذا رأيتيني ارتدي؟
-
اجابت : رايتك تلبس لباس الملوك
-
وماذا كنت انتعل؟
-
كنت تنتعل بلغة الرؤساء..
-
وماذا كنت اضع على رأسي؟
-
كنت تضع عمامة الحكماء
فيقهقه مزهوا
وينصرف في خيلاء..
لكنه سرعان ما
يعود مجددا، ويعيد نفس الأسئلة.. فتكرر إجاباتها مرعوبة آملة في ان يتركها وشأنها..
لكنه جاء اليوم
بشكل مختلف، لقد صمم على الزواج من صابرة، وأقسم أن يأخذها راضية أو صاغرة..
صرخ قرب بيتها
بصوته الجهوري؟
-
اسمعي يا صابرة، لديك ثلاث ليال لتفكري
وبعدها سآخذك راضية أم صاغرة
ظلت "صابرة"
تبكي ليلا ونهارا حتى يبست حدقتها من الدموع، وفي إحد الليالي رأت أمها في المنام،
أخبرتها بحيلة لا يقدر عليها جن ولا غيلان..
استفاقت صابرة
مسرعة، أخذت فأس والدها وبدأت تحفر الأرض المحيطة بالمنزل، لقد امرتها أمها في
المنام أن تحفر خندقا وتضع فيه جمرا.. وذلك ما فعلت..
وفي اليوم الثالث
قدم الغول كما كان يفعل في كل مرة، وصرخ بأعلى صوته كي تسمعه عروسته المفترضة:
-
ماذا قررت يا عروستي المستقبلية؟
-
قالت صابرة : أنا لا أتزوج الغيلان القذرة..
جن جنون الغول،
وصرخ عاليا؟
-
كيف تجرئين على وصف ملك المغارة بالاوساخ والقذارة؟
وبالأمارة كيف رأيت الملك دادا بوخزينة
يفعل، يوم قمت بالزيارة؟ ماذا كنت أشوي والبس وأنتعل؟
-
ردت عليه بسخرية ماكرة:
-
كنت تشوي الحمار أيها الحمار..وكنت تلبس جلد
الحمار كالحمار.. وتلبس قدم الحمار وتضع على رأسك أمعاء الحمار أيها النتن..
اشتاط الغول غضبا
فهرول نحو مسكن صابرة ليلتهمها ، لكنه وقع في هاوية الخندق وبدأ يشوى في الجمر
ويصرخ من شدة الالم.. لكنه قاوم النار وكاد أن يخرج من الحفرة.
في تلك اللحظة،
لمحت صابرة شخصان يتقدمان نحو البيت، لقد كان القادم أبوها عائدا من السفر، وشاب وسيم
يرافقه، أخبرتهما بالواقعة فأجهزا على الغول وقتلاه..
أُعجب الضيف بذكاء
"صابرة" فتقدم لخطبتها، لكنها لم توافق إلا بعد أن أخبرها أبوها أن
الضيف أنقذ حياته من غدر مرافقيه، تزوجت صابرة، وعاشت معه في مغارة الغول، و كان زوجها
يشتغل بالنجارة لهذا سميت مغارته اليوم بـكهف النجار "إيفري أونجار"
وعاشا سعيدين في مسكنهما الجديد..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق