الجمعة، 28 أغسطس 2020

عريضة للمطالبة بحماية الارشيف الاستعماري لمؤسسة ابو الخير بمدينة بركان

 

لأن المؤسسة العريقة المسماة اليوم "ثانوية ابو الخير" عايشت أولى فترات تكون مدينة ابركان ضمن الاحتلال الفرنسي، ولأن ارشيفها الدراسي زاخر بوثائق تؤرخ للحالة الاجتماعية والتربوية بتلك الفترة ، ولأن حماية الآثار ثقافة الشعوب المتحضرة فإننا نحن الموقعون على هذه العريضة نطالب المسؤولين على الشأن التربوي والثقافي بمباشرة مسطرة اعتماد الارشيف الاستعماري لمؤسسة ابي الخير بمدينة بركان ضمن ارشيف المغرب.
المرفقات
الأطر والأطر العليا والمهنيون المطالبون بحماية ارشيف ابي الخير
الأساتذة والتربويون المطالبون بحماية ارشيف ابي الخير
الطلبة والطلبة الباحثون المطالبون بحماية ارشيف ابي الخير
الفاعلون الجمعويون المطالبون بحماية ارشيف ابي الخير

 




للتوقيع على العريضة

 https://forms.gle/Y6XcfaqB16Tw2gJX9

الثلاثاء، 14 يوليو 2020

كيف يقاوم التراث عوامل الطمس الهوياتي. للباحث ذ. عبد الله لحسايني

 

كيف يقاوم التراث عوامل الطمس الهوياتي.
للباحث ذ. عبد الله لحسايني

إن واقعة مسجد آية صوفيا الذي تحول من متحف إلى مسجد وقد كان قبل كنيسة في عهد جوستنيان البيزنطي. يعتبر نموذجا لثقافة عدم احترام التراث الإنساني  الذي كانت الدول في القرون الوسطى تمارسه بهدف الانتقام كواقعة تغيير  المساجد الأندلسية إلى كنائس في فترة الطرد الذي تعرض لها المورسكيون نذكر على سبيل المثال تحويل جامع قرطبة الكبير إلى كاتدرائيّة في القرن الثامن تحت حكم فردينان الثالث القديس   . 

لكن من جهة أخرى هنالك بعض الاشارات التي تلفت نظر الباحث فيما يخص خطة مقاومة هذه الآثار لعوامل الطمس التي تتعرض لها والتي هي عن قصد أو دونه تستمر شيفرتها في جلباب الحضارات الجديدة في انتظار نضوج الوعي الانساني لإرجاع الهوية الأصلية للمعلمة. فما الشيفرة التي تحملها تسمية آية صوفيا؟

قبل الإجابة يفترض طرح سؤال عن سر استمرار عادة اختيار رموز أو مفاهيم أومعابد سابقة لإنشاء ديانة جديدة وفيما إن كان له علاقة بمستوى الوعي العام.

هذه العادة البائدة التي دأبت على ممارستها الحضارات السابقة بما فيها المسيحية والإسلامية بل حتى اليهودية في بعض المحطات.

بجرد سريع للتسلسل التاريخي للأديان نجد بعض الديانات اللاحقة تتقمص رموز الديانات السابقة وتصبغ عليها مفاهيمها الجديدة فاليهود مثلاً اتخذو "إيل" الإله الكنعاني مع إضافة الجمع إيلوهيم ودمروا معابد عشتار أشيرا الإلهة الأنثى ليتركوا المذكر فقط على مبانيها.

أما المسيحيون فقد بنيت كل أسسهم على بقايا المفاهيم اليهودية في العقيدة كمفهوم المسيانية لكن في فترة القوة والسياسة مع الدولة البيزنطية ورثت المسيحية كل اللاهوت الروماني (الوثني) وتحولت طقوس وأعياد الآلهة إلى أعياد مسيحية فعيد ميلاد اله الشمس "سول إنفكتوس" في الإمبراطورية الرومانية في 25 دجنبر أصبح عيد ميلاد المسيحوهكذا..

إذن فبناء ثقافة جديدة لابد يتكئ على بقايا الثقافات السابقة واعتماد الرموز السابقة يمنح اللاحق ربحا للوقت وتماهيا مع العرف السائد ما يزيد من فرص مقبوليتها ويقلل من حدة المعارضة.

 

الشيفرة الخالدة التي قاومت الطمس الهوياتي بمسجد اية صوفيا.؟

من أول وهلة نجد أن تسمية مسجد بشخصية مؤنثة نادر وغير معتاد فكيف بشخصية مؤنثة وغير عربية ومجهولة؟

فما هو تاريخ هذه الشخصية "صوفيا" وما تاريخ البناية/ المسجد :

حسب موسوعة لاروس ففي سنة 325 قام قسطنطين ببناء اول كنيسة على أنقاض "معابد وثنية" . وتردف الموسوعة ان اسم الكنيسة يوناني مايدل على أصول وثنية يونانية للتسمية

وفي ماي1453 أي في الفترة العثمانية حول محمد الثاني الكنيسة إلى مسجد وبنى من جاء خلفه منارات وإضافات اسلامية أخرى بالبناء إلى أن حولها اتاتورك لمتحف سنة 1934. ليقوم أردوغان اليوم بتحويلها لمسجد من جديد.

إن الأمر الذي يجعل البحث عن هوية هذا البناء الأثري ذو معنى تشبث كل اصحاب ديانة بانتماء البناء لهويتهم فهل البناء مسيحي أم إسلامي؟ أم أنه لا هذا ولا ذاك

لمعرفة ذلك  دعونا نرى شيفرة التسمية التي بقيت من الطمس الهوياتي المزدوج الذي تعرضت  له البناية.

إن قسطنطين الذي حول دولة كاملة إلى ديانة جديدة لم يكن بوسعه محو كل شيء فالذاكرة الشعبية لا تقبل التغير المفاجئ لهذا وعملا بمنطق التدرج قام بتغيير اسم المحتفى به في عيد إله الشمس وعوضه بعيد ميلاد يسوع وترك نفس التاريخ الذي إعتاد الناس عليه. واحتفظ باسم الإلهة اليونانية صوفيا لكنه غير المحتوى أي بدل عبادة الآلهة بالصلوات المسيحية.

واستمرت هذه البصمات الرومانية في التراث العرفاني المسيحي رغم اضطهاده وبقيت التسمية الوثنية حتى بعد العصر العثماني فصار مسجد "آية صوفيا" دون الانتباه للدلالة التي يرمز إليها هذا الإسم.

صوفيا في التصوف المسيحي:

تحتفظ المذاهب الباطنية بأسرار تاريخية تؤولها إلى عقائد غامضة لكن تحليل بعضها يكشف لنا لغز التسمية.

فالعرفان المسيحي أي الغنوصية وهو مذهب باطني شديد الباطنية ومرفوض من قبل الكنيسة يحمل في طياته بذورا تكشف كيف أن ديانة آلهة الرومان شكلت عمودا فقريا للديانة القسطنطينية اي مسيحية القرن الثالث.

فالنظرة الباطنية تستمد شرعيتها من أناجيل سابقة مرفوضة من الكنيسة الرسمية وتعتبرها أبوكريفا أي منحولة ربما بهدف القطع مع كل ما يربط المسيحية بمكوناتها التراثية اي الرومانية

فإنجيل يهوذا وإنجيل المجدلية مليئان بالتصور الغنوصي للذات الإلهية اليسوعية. هذا التصور الذي يمتح من اديان مثنوية أخرى كانت سائدة في العالم المسيحي كالمانوية.

وشاهد حديثنا هو الدور المحوري الذي تلعبه إلهة الحكمة "صوفيا" في المشهد الميثولوجي الغنوصي . 

فاذا كان الفلاسفة اليونان كانوا يسمون : محبي او عرفاء إلهة الحكمة صوفيا Philosophia . فإن صوفيا حسب الميثولوجيا الغنوصية هي: النابعة من السكون قد ولدت الذكورة والأنوثة اللذان شكلا عناصر عالمنا المادي.

أما العنصر الأنثوي فقد ولد كلا من الإله "يهوة" إله اليهود والمسيحيين وولد " إيل دابوث" إبن الظلمات. وحين تم خلق البشر وقعت صوفيا في حبهم. الشيء الذي ولد غيرة في قلب الإله يهوة وإله الظلمات فحاولا إبقائهم - أي البشر- في الجهل لذا منع الإله يهوة وأخوه البشر من اكل تفاحة المعرفة (كما في التوراة). ما حدا بالإلهة الأم صوفيا أن تنزل للأرض على شكل أفعى لتخبر البشر كيف يعصون الآلهة الحقودة.

لقد كانت صوفيا تنوي العيش بين الإنسان لكنها صدمت بكون البشر لا يعرفونها رغم حديثها المتكرر إليهم. ويؤمن بعض الغنوصيين المسيحيين أن صوفيا تجسدت في يسوع لكي تتحد مع البشر الذين وقعت في عشقهم.

وحسب دراسة لمخطوطات نجع حمادي التي تركها فرقة من المسيحيين بالبحر الأحمر الشهيرة فإن صوفيا دائما ما يبرز لها دور في خراب العالم وقيامته من جديد. فحسب هذه الرؤية الميثولوجية فقد نبع الملكوت من الآب المتعالي. وهو -اي الملكوت- مشكل من عدة هيئات آخرها صوفيا التي ببعدها عنه -دائما الملكوت- أصبحت أمًّا لخالق الكون المادي وهو "يهوه" إله اليهود في التوراة.

كما أن الرمز الذي تأخذه هذه الإلهة هو رمز الحمامة وهو نفسه رمز الروح القدس أي الله المقابل ليسوع والآب والذي ظل غامضا للتفسير وكأنه شخصية مفروضة فرضا في الرواية كأي موظف شبح. وقد استمر الجدال حول ماهية الروح القدس إلى اللاهوت الإسلامي حيث يذكر القران الكريم سؤال للنبي ص عن الروح : "يسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي" أي أنه ليس إله بل يتنزل بأمر الله .

وفي التراث المسيحي تعتبر مريم المجدلية رمزا لصوفيا الساقطة ومريم العذراء رمزا لصوفيا السماوية.

أن الشخصية المتافيزيقية المدروسة صوفيا والتي يحمل المسجد الحالي اسمها ليست نكرة منسية في تراث غابر بل من أهم الأساطير البدائية التي ابتدعها الإنسان في محطات إيمانه الوثني لهذا رافقته وبشدة في محطات إيمانه التوحيدي.

لهذا نخلص وبوضوح إلى تحديد علمي لهوية البناية الوثنية الرومانية لهذه البناية الأثرية هذه الهوية التي بقيت مأرشفة في شيفرة التسمية كما يحفظ الحمض النووي هويات الكائنات الحية.

الإهمال يحفظ مدينة الزهراء الإسبانية الأثرية من الطمس الهوياتي

 . تعدّ مدينة الزهراء المسجلة كتراث عالمي لدى منظمة اليونسكو والتي تعود لزمن الخلافة الأموية موقعاً أثريّاً لمدينة كانت قد شيّدت في منتصف القرن العاشر على يد الأمويين لتكون مقرّاً لخليفة قرطبة. وبعد الازدهار الذي شهدته المدينة عدة سنوات، تعرضت المدينة للنهب خلال الحرب الأهلية التي أنهت حكم الخليفة في عام 1009-1010. وقد بقيت هذه الآثار في طيات النسيان طوال ما يقرب 1000 عام لتعود للنور من جديد في بداية القرن.

وإدراجها كمثال في هذا المقال مع مثال بناية آية صوفيا لأن الجامع بينهما أن التسمية العربية خلدت رغم العداء الشديد الذي طال كل ماينتمي للثقافة الاسلامية او العربية للمورسكيين. والسر في المحافظة عليها وعلى تسميتها أنها بعد تخريبها بقيت في طي النسيان ولم تر النور من جديد إلا في القرن الماضي وقد قامت الدولة الإسبانية بطلب تسجيلها كتراث عالمي سنة 2018 محتفظة على نفس التسمية أي "المدينة الخليفية لمدينة الزهراء" 

 وختاما نرى كيف تستطيع الآثار ان تحافظ على هويتها رغم بطش الزمان والطمس الممنهج الذي يمارسه الإنسان لتخريب ماضيه لاعتقاده بأن ما ينتجه هو يبقى الأولى بالبقاء وان مصير إنجازات الغابرين هو الدمار او النسيان.

عبد الله لحسايني

باحث في الميثولوجيا



مراجع:

- Joël Robert : Sophia ou la Mère Divine

 

(Revue Question De. No 53. Juillet-Août-Septembre 1983)



- www.larousse.fr

اليونسكو تدعو إلى الحفاظ على القيمة العالمية للتراث العالمي بخصوص بناية "آية صوفيا"

تأسف المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، بشدة للقرار الذي اتخذته السلطات التركية من دون إجراء حوار مسبق، بتغيير وضع "آيا صوفيا"، وقد أعلمت السفير التركي لدى اليونسكو، مساء اليوم، بقلقها البالغ حيال هذا الموضوع.


وتمثل "آيا صوفيا" جزءاً من مدينة "اسطنبول التاريخية"، وهي مدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي كمتحف، وصرحت السيدة أزولاي بهذا الشأن قائلة: "إنّ "آيا صوفيا" هي تحفة معمارية وشاهد فريد على التفاعل ما بين أوروبا وآسيا على مر القرون، ويعكس وضعها كمتحف الطبيعة العالمية لتراثها، ويجعلها رمزاً هاماً للحوار".

ويثير القرار الذي أُعلن عنه اليوم مسألة تأثير تغيير الوضع في القيمة العالمية لهذا التراث الثقافي، وبناءً على ذلك، يجب أن تحرص الدولة التي توجد ممتلكات التراث الثقافي على أراضيها، على عدم إدخال أي تعديل عليها من شأنه الإضرار بقيمتها العالمية الاستثنائية، ويقتضي إدخال أي تعديل من هذا النوع، قيام الدولة المعنية بإخطار اليونسكو مسبقاً بالموضوع، وبعدها تقوم لجنة لتراث العالمي بالنظر فيه، عند الاقتضاء. 

وتذكّر اليونسكو أنّ مشاركة المجتمعات المحلية وغيرها من الأطراف المعنية بالممتلكات الثقافية، مشاركة فعلية ومنصفة وشاملة للجميع، هي شرط أساسي للحفاظ على هذه الممتلكات، ولإبراز فرادتها وقيمتها؛ ويفيد هذا الشرط في حماية القيمة العالمية الاستثنائية للتراث الثقافي ونقلها، وهو جزء أصيل من روح اتفاقية التراث العالمي. ويفيد هذا الشرط في حماية القيمة العالمية الاستثنائية للتراث الثقافي ونقلها، وهو جزء أصيل من روح اتفاقية التراث العالمي.

وقد أُبلغت الجمهورية التركية بهذه الشواغل عبر عدة رسائل، كما أُبلغ بها مساء البارحة ممثل الوفد التركي لدى اليونسكو؛ ومن المؤسف اتخاذ هذا القرار من دون إجراء أي حوار أو إخطار مسبق. وتدعو اليونسكو السلطات التركية إلى استهلال هذا الحوار دونما تأخير، بغية تجنب أي تراجع للقيمة العالمية لهذا التراث الاستثنائي، الذي ستقيّم لجنة التراث العالمي حالة صونه في أثناء انعقاد دورتها المقبلة.

وأشار مساعد المديرة العامة لليونسكو للثقافة، إرنستو أوتوني راميريز، إلى أنّه "من الضروري تجنب اتخاذ أي تدبير تنفيذي لم يناقَش مسبقاً مع اليونسكو، وقد يؤثر في عملية الدخول إلى المبنى وفي هيكليته وفي أثاثه وأسلوب إدارته"، فقد يشكّل اتخاذ مثل هذه التدابير انتهاكاً للقواعد التي وضعتها اتفاقية التراث العالمي لعام 1972.


https://ar.unesco.org/news/ay-swfy-lywnskw-tsf-bshd-llqrr-ldhy-tkhdhth-lsltt-ltrky-mn-dwn-jr-hwr-msbq-wtdw-lhfz-lqym-llmy?fbclid=IwAR0PwbtyP2egOqIKrWv9GAuz-P0mwBM4ZXeBrZwZ91cAt7otAY9YozRItd8

 

الجمعة، 3 يوليو 2020

أصالة المقاومة بمنطقة بني يزناسن- أكاديمية التراث

أصالة المقاومة بمنطقة بني يزناسن

للباحث عبد الله لحسايني

 

 

يعتبر بعض الشباب اليوم أن الحديث عن المقاومة المغربية هو استنهاض لتاريخ قديم وميت لم يعد يناسب العصر. وتدور في مخيلة شريحة منهم صورة نمطية عن الأشخاص الذين قاوموا الاحتلال وكأنهم مجرد ممثلين. لم يعيشوا واقعا صعبا ولم يكن لهم حياة خاصة وأهداف في الحياة يصعب التضحية بها وأحباب وأقارب من العسير مفارقتهم كما في حياتنا اليوم.  
هذا التصور الوهمي للماضي وراء ضعف التفاعل الشبابي مع القيم الإنسانية المتضمنة في حكاية المقاومة.

أذكر في هذا الصدد شهادة المقاوم عبد الصادق القادري حين كان مطاردا من طرف شرطة الاقامة الفرنسية بعد انتفاضة 16غشت بوجدة وأثناء محاولته الاختباء يقول:" وأذكر حينما كنت بوجدة طرقت عدة ابواب دون أن أجد أي واحد يساعدني على الاختباء في منزله بسبب الخوف الذي كان يسيطر على جميع المعارف بعدما علموا بالخطر الذي يتهددني جراء البحث المكثف الذي تقوم به الشرطة في شأني..." ثم يصف حالة الأسر التي غامرت بإخفاءه قائلا " إن يحيى امراح الذي اختبأت عنده مدة اسبوع كانت له حجرة واحدة وله عدة اطفال وامرأته محتجبة.. " فلنتخيل حجم الاحراج والضيق عانى منه المقاوم قبل اهل المنزل. كل هذا لأنه مع شباب اخرين قاموا بالانتفاضة ضد نفي الملك. مع أنه كان بإمكانهم الحفاظ على أمنهم وقبول الظلم والاهانة من المستعمر الاجنبي. ولهم ألف عذر لذلك. والسؤال الجدي في هذه الحالة. فهل سيتحلى شباب هذا الجيل بنفس قيم التضحية فيما لو وضعوا في نفس الظروف.؟ 


 ومن هذا المدخل النفسي والاجتماعي نحاول في محاضرتنا مقاربة الفترة الإستعمارية وتسليط الضوء على القرارات المصيرية التي اتخذها شباب ذلك الجيل في مواجهة تحديات احتلال بغيض صادر أراضيهم وهي مصدر ثروة الأسر أنذاك. وخرب نظامهم الاجتماعي والسياسي وانتقص من كرامتهم بفرض واقع سياسي لم يرتضوه. يقول العروي واصفا حالة المغربي الذي واجه الاستيطان، قائلا: " أولم نعد نرى الفرد المغربي ، وقد جُرّد من كل ما كان يملك ماديا ومعنويا، قابعا في بيته لا يكاد يخرج إلى الشارع إلا مستحييا، ينظر إلى أرضه الضائعة نظرة المودع النادم البائس، تلك النظرة الغائرة التي كثيرا ما أثارت انتباه سوّاح القرن الماضي" .

وسنخصص الحديث على منطقة بني يزناسن وبركان رغم صعوبته. إذ ان الحديث عن مقاومة منطقة محددة كالحديث عن مميزات مياه منطقة ما من مياه المحيط بسبب حركية الفعل المقاوم وامتداده المكاني جهويا ووطنيا. محاولين الاجابة عن سر اكتساب صفة التضحية وحب الوطن وكيفية ضمان استمرار هذه القيمة عند الاجيال الحالية.

 

 

حرب المستوطنات:

ورثت فرنسا ممارسات النهج والسلوك الاستيطاني الروماني. والذي كان يركز على انتزاع الأرض من المُلاك الأمازيغ، ومنحها للطبقة المجنسة منهم، كخطوة تدريجية لرومنة الأرض المغربية بشكل كامل.

فبُعَيْد احتلال وجدة بحر سنة 1907 وإخماد مقاومة القبائل اليزناسنية من طرف قوات الجنرال ليوطي سنة 1908، تم تنفيذ الخطط الاستيطانية بكل أريحية، استنادا إلى السلاح القانوني الملغوم. فلجأ إلى حملة تشريعية تبرر عمليات الاستيلاء والنهب العقاري التي يمارسها مستوطنوه. وكان أول قرار قانوني صدر في هذا الإطار الظهير الصادر تحت وصاية المقيم العام والمتعلق بالتحفيظ العقاري، والصادر في 12 غشت 1913 والذي كان الهدف منه إضفاء الشرعية على ملكية الأراضي التي استوطنها الأوربيون في منطقتي وجدة والشاوية، بين 1907 و1912، عندما كان المغاربة يفرون أمام جيوش الغزو.

وبمقتضى هذا الظهير أصبح كل نزاع مدني أو تجاري يكون أحد أطرافه فرنسي الجنسية، من اختصاص المحاكم العصرية التي أحدثت آنذاك، والتي كانت في الواقع محاكم فرنسية والساكنة لم تكن في أغلبها تتقن هذه اللغة ما يزيد في تعقيدات التقاضي وبالتالي الحكم لصالح دعواى امتلاك الفرنسيين للارض.

بل في بعض الحالات، تتم مجابهة المعترضين على قرار الضم بإجراءات قانونية تعاقب الممتنعين عن تسليم أراضيهم طوعا للمستوطنين وتصفهم بالثائرين على قرار الحكومة الاستعمارية. 

من النتائج المباشرة لهذه السياسة الاحتلالية الفرنسية ظاهرة المستوطنات، وهي مجموعة من الاراضي الفلاحية التي كانت في ملكية الأسر المغربية و تشكل مصدر رزقها الوحيد تتحول بفعل الحيل القانونية والضغوط والعنف الذي مارسه الفرنسيون إلى ضيعات تابعة لهم . ويتحول المغربي من شخص ثري أو متوسط الحال يعيش في أرضه إلى شخص معدوم فقير يبحث عن عمل في ضيعة هذا المستوطن الذي سرق أرضه.

هذا الوضع الاجتماعي الكارثي الذي خلقه المشروع الاحتلالي الفرنسي خلق جوا من الغبن والاحساس بالظلم والخداع, ففضلا عن فرض المستوطنين على ملاك الاراضي التنازل عن اراضيهم بقوة السلاح والترهيب وزيادة عن تزوير مستندات الملكية للاراضي دون حضور أصحابها،  كانت الابناك أيضا تعمد الى اغراق بعض الفلاحين بالقروض بفوائد خيالية مقابل رهن الأرض ولأن القرض لم يكن في صالح المالك وأكبر من مدخول الفلاح فقد كانت تعمد الى الاستيلاء على أرضه مقابل عجزه عن سداد فوائد الدين. هذه العادات والحيل كانت غريبة عن الثقافة المحلية . وقد اشتكى السكان من هذه الممارسات ابان زيارة الملك محمد الخامس لبركان سنة 1934
فحاول الملك فك الخناق عن عنق البركانيين عبر الأمر بقرض الراهنين من صندوق الدولة ليتحللوا من قروض الأبناك ويسترجعوا أراضيهم.
 لقد غير النهب العقاري للاحتلال الفرنسي طبيعة حياة اليزناسنيين، فقام بتفقير شريحة واسعة منهم. وزاد في ثراء مستوطنيه ومجموعة من المتعاملين معه. 

 هذا ما أدى إلى احتقان وكره شديد للمحتل . فكانت الساكنة تنتظر شرارة او تنظيما مقاوما للغطرسة الفرنسية لتلتحق بصفوفه,

انتظار قافلة المقاومة :

على عكس الماضي حين كانت مقاومة المحتل تتطلب وجود قائد محلي عسكري يقود القبائل بسهولة ويسر حركة بين قمم جبال بني يزناسن ويدعو للنفير والجهاد ضد المحتل، فقد فرض الاحتلال الفرنسي واقعا قانونيا جديدا حيث أنشأ مدينة بركان وأفرغ الجبل من معظم ساكنيه عبر جذب الساكنة للعمل في المدينة بعد مصادرة مصادر رزقهم كما سبق ذكره. من هنا تعسرت أشكال المقاومة وكان لزاما انتظار تنظيم وطني موحد يقود هذه المرحلة نحو التحرر.

وقد تجاوبت الساكنة طيلة العشريات الاولى من القرن العشرين مع الحركة الوطنية فاستقبل علال الفاسي زعيم حزب الاستقلال ببركان وقد استضافه كل من المقاوم الحسن شاطر ومحمد بنعيسى الصلاني وبنسعيد بن محمد بن الحاج الصديق الحمداوي وبرزال لخضر جزائري. واتفق الجمع على فتح مدرسة قرآنية كشكل من اشكال حضور  رسمي لنشاط الحركة الوطنية.
وبعد اعتقال بلافريج الامين العام للاستقلال بعد اعلان عريضة المطالبة بالاستقلال عقد اجتماع سياسي ببركان بدكان السيد عمرو بن الحسين ضم اضافة اليه قيادات محلية منها المقاوم قدور الورطاسي واخرون, وبسبب التعتيم الاعلامي فقد اتفقوا على الاستيضاح حول صحة احداث العنف التي تلت العريضة في المدن المغربية من القايد المنصوري رغم أنه كان قائدا تحت سلطة الاستعمار الا أنه من المقربين من الملك محمد الخامس وأن وطنيته لاشك فيها. وحين اكد الأخير الخبر التحق قدور بوجدة في 5 فبراير وتم تنظيم مظاهرة تأييدا للإعلان واعتقل الأخير رفقة سبعة اخرين الذين حكم على بعضهم بسنة نافذة وعلى قدور بسنتين. فقد كانت تتحرك في وجدة تنظيمات مسلحة من بركان وبني يزناسن أيضا.

وقد استمر الحراك السياسي ضد الاقامة العامة وضد الادارة المحلية الفرنسية فقد احتفلت ساكنة بركان بعيد العرش يوم 18 نونبر 1945 في الوقت الذي كان الاحتفال بالعرش عملا سياسيا معارضا يستوجب العقاب، وهتفوا جهارا بمطلب الاستقلال وبحزب الاستقلال.

 انتفاضة 17 غشت 1953 بأبركان:
وبعد نفي الملك محمد الخامس وتصاعد الصراع بين القصر والإقامة العامة الفرنسية تقررت الانتفاضة وحدد موعد الثورة في ربوع المغرب والانطلاق في المقاومة المسلحة. لكن ولتأخر ورود خبر الثورة الى بركان فقد تقرر أن تقام بدل الثورة الدامية تظاهرة سلمية فقط لغرض اظهار الانخراط العملي في مشروع الكفاح المسلح. وتنظيم الصفوف وخلق الخلايا المسلحة الشيء الذي يتطلب وقتا وعدم تفريط في القيادات التي ستنشئ هذا التنظيم.

اجتمع اعضاء فرع الحزب بأبركان وتقرر تنظيم مظاهرات يوم الاثنين 17 غشت 1953، وأبلغت القرارات لجميع الاستقلاليين بمذاغ واتريفة والسعيدية وبني وريمش وبني عتيق وبني منگوش وقرية تافوغالت. وقد خرج 40 الف متضاهر. بينما خلت المدينة من المشاهد العسكرية الفرنسية  لامتصاص الغضب واختفى المستوطنون بعد ما شهدوه في اليوم السابق من احداث عنف بوجدة.
كما نظم اجتماع يوم 16 غشت لأفراد الحزب بالركادة ضواحي بركان وذلك بمنزل المقاوم محمد بن محمد بوزيان العثماني قرب مدشر ايغزر ؤشريك -بالطرشة ناحية فزوان- ترأسه الحاج ميمون بن الحسين الوكوتي وأخبرهم بقرار الثورة وخطتها. فبالنسبة لفرع الركادة كان مقررا أن يدخل لأبركان عبر لمنزل (لكرابة العليا) وفرع مداغ عن طريق السعيدية أما فروع بني وريمش وبني عتيق فتدخل أبركان عن طريق ملوية.
ويقول لعروسي أنه تم التجمهر ب "لمنزل" بمسجد مولاي ادريس لكن أوامر جديدة قضت بسلمية الحراك وبالتالي ترك الاسلحة البيضاء بالمسجد .
وبأمر من القايد المنصوري تجمهر الحشد أمام مقر قيادته بالسوق العمومي، وألقى الأخير خطاب تهدئة مؤكدا على بقاء الملك في السلطة مطالبا الجماهير بالانصراف . ويقال أن الأخيرة لم تنصرف إلا بعد خطاب عضو فرع الحزب بأبركان بنسعيد أحمد السرجان ومطالبته لهم بالانصراف. وقد تلت العملية حملة اعتقالات واسعة.
أما بتافوغالت فيروي أحد الشهود العيان وهو من افراد القوات المساعدة اسمه بوعلام لشعل أن الانتفاضة تمت على مراحل حيث نزل كل من بني نوكة وولاد عبو وولاد يحيى وولاد قنين والتفوا حول مقر القيادة التي فر منها المراقب "كانط" صحبة القايد ولد لهبيل. ليعود بمفرده ويواجه الجماهير مرددا معهم عبارة : "يحيى الملك". وقام باجتماع مع عشرة من ممثلي القبائل المتضاهرة لتنصرف بعدها وتلتحق بالمكان قبائل بني موسي ارّوا وعوملت بنفس الطريقة. وفي صباح 18 غشت نزلت قبيلة ولاد عمر. وقد استقدمت القوات الفرنسية فيالق من الجزائر بدعوى محاربة الاسبان لكن الفيالق أبت معاقبة السكان بعدما علمت بالحقيقة، ليتكفل اللفيف العسكري الاجنبي بالمهمة، التي شملت اعتقالات وسلب ونهب وتخريب تعرضت له كل من بني موسي الروى وسيدي بوهرية واودع المعتقلون في الكهوف ككهف (زانبر) مولاي علي، وزانبر بنعيسى ومطمورت بوحوت، وغار لفخ.

 وانطلقت الاعتقالات وفر جل أعضاء القيادة الى الناظور منهم الصباني بوزيان وعمارة عبد الخالق...
اثرها تأسست أول الخلايا التي كانت توجه من المنطقة الشمالية الى كل من أبركان ومداغ ... مهمتها تنفيذ الأعمال الفدائية والعودة سالمة لقواعدها. ومنها تكون جيش التحرير.
ومن بين الفرق العسكرية اليزناسنية التي أنشأت في تلك الفترة

فرقة بني درار بقيادة المقاوم محمد بلهاشمي ميري انطلقت بعملية عسكرية خلفت قتيلان. وأصبحت تضم بعد العملية ازيد من 75 مقاتل. لتواصل عملياتها العسكرية في كل من منطقة الكربوز وعين صفا وبني يسبو وسيدي موسى اضافة الى امداد حبهة التحرير الجزائري بكميات كبيرة من الاسلحة.

فرقة قبيلة لهنادزة بزعامة المقاوم عبداللاوي عبد الرحمن

وفرقة قبيلة الزعازعة بزعامة محمد بلماحي وفرق عسكرية يزناسنية أخرى بكل من بني يسبو والدويز وتانوت وولاد خليفة وكزناية وولاد برمضان

لحظات انسانية في حياة المقاومة:

أريد أن أورد بعض اللحظات الانسانية التي عايشها مجموعة من المقاومين ليتعزز لدى المتابع وفي لاشعوره أن هؤلاء كانوا يعيشون الحياة بكل روعتها ووعورتها وأن قرار الانضمام للمقاومة لم يكن لعبة أو مقامرة بل قرارا صعبا يتطلب رباطة جأش وتغلب على الخوف.

يذكر المقاوم محمد بن بوزيان الدرفوفي واقعة عبوره لواد ملوية الذي كان بمثابة حدود بين الدولتين الفرنسية والاسبانية  يقول أن يومه كانت الامطار غزيرة ما يرفع منسوب النهر فضلا عن كون الفرنسيين يطلقون أنابيب السد لتقوية صبيب المياه لإغراق من يحاول عبور المنطقتين. وبعد نجاحه ورفاقه من عبور نهر ملوية اعترضهم واد شراعة الذي كانت امواجه قوية الهدير فتساءلا عن امكانية عبور واد كهذا لأن الموت معه محقق وفي وسط عبورهم جرفت المياه القوية رفيقهم محمد ولد السعيدي الذي تركوه إلى أن تمكنوا من العبور الآمن ووجدوه متمسكا بإحدى الصخور يطلب النجدة.

وحين وصوله لوجدة لحقتهم الشرطة بتفتيش الحي لورود أنباء عن وجود ما يسمونه "خارجين عن القانون" بالحي. فلم يسلم من رعب الطبيعة والشرطة.

ويحكي المقاوم عبد الصادق عن وقائع مدرسة بيرتلو بوجدة التي تحولت الى زنزانة للتعذيب  بالكهرباء والاغراق في المياه القذرة والارغام على أكل البراز والصلب والتعليق والاغتصاب بالقنينات وصعق الأعضاء الحساسة للسجين بالكهرباء , فضلا عن ألوان العذاب كان عدد كبير من المعتقلين يحشرون مرة واحدة بنفس الزنزانة ما أدى في أحد المرات الى مقتل 16 فردا اختناقا وقد دفنوا في مقبرة جماعية بممرات المستشفى العسكري مركز القيادة العسكرية حاليا دائما حسب شهادة المقاوم عبد الصادق.


أصالة المقاومة في طباع بني يزناسن:

يقول ابن خلدون بأن الظروف القاسية تخلق أجيالا مختلفة عن الأجيال التي عاشت في ظرف افضل، فمن حسنات التواجد الفرنسي بجوار المغرب (بالجزائر) منذ بدايات القرن التاسع عشر على بروز الطابع الحربي الشديد البأس على سلوك قبائل بني يزناسن الجمعي نتيجة المراس والمناوشات والاقتحامات المتكررة بين فرنسا وهذه القبائل منذ حرب إسلي التي خاضها المغرب ضد التغول الفرنسي.
يذكر المؤرخ الناصري في حكيه عن واقعة إسلي أن قبائل بني يزناسن شاركت بحشود تكاد تساوي الجيش ككل. فما السر وراء هذا الانخراط والتعبئة الشاملة المسؤولة والمواطنة التي طبعت سلوك هذه الشريحة من المغاربة في التضحية و الدفاع عن المقدسات تحت راية الوطن والتعلق برمز الدولة اي السلطان العلوي المولى عبد الرحمن انذاك؟ يبدو أن هذا الولاء للوطن والدولة كان سمة متأصلة في هذه القبيلة منذ القدم.
لقد صقلت الظروف الخطيرة التي واكبت التواجد الفرنسي بالجزائر، صقلت الطبع الشديد المعروف عن سلوك هذه القبيلة. ولردع الخطر قامت القبائل اليزناسنية بتبني تكتيك جديد من المقاومة وهي ما اطلقتُ عليه سنة 2013 في كتاب "ياث يزناسن" بـ "المقاومة الاستباقية". أي تلك الأعمال الحربية التي يراد منها إظهار القوة للخصم حتى قبل اقتحامه للارض المغربية لإقناعه بخطورة الاقدام على عمل هجومي مستقبلا.

 وفعلا تحققت فكرة الردع بنسبة مهمة . اذ نستشف من تصريحات الجنرالات الذين اضطروا إلى جلب أقصى قوة عسكرية لرد هيبة فرنسا العظمى أمام حفنة من المغاربة المتسلحين بإيمانهم بوطنهم وتشبثهم بأرضهم وبعض السلاح الذي لا يقارن بالعتاد الفرنسي لا كما ولا نوعاً.
يقول الكوموندون مورداك MORDAC : "من جهة أخرى، فبنو يزناسن يحتفظون بثقة عالية في النفس... لقد كان من الحكمة فعل ذلك - أي التحشيد العسكري الكبير - في مقابل مقاومة جد قوية... لقد كان جيدا الإظهار بأننا لانزال نمتلك الجنود، بل ولدينا الكثير منهم ".

أبرز المواجهات بين فرنسا وبني يزناسن في فترة المقاومة الاستباقية:
سنة 1852 : انطلقت الحملة الفرنسية على بني يزناسن، عقابا لهم على دعمهم للأمير عبد القادر. فتم اقتحام ديار بني خالد وبني منكوش. واستمرت المعارك والمناوشات متقطعة، سنتي 1852 فـسنة 1853.
سنة 1956 : في سبتمبر وأكتوبر من سنة 1856، قام بنو يزناسن باقتحام جديد لتراب فرنسا بالجزائر. فأعملوا فيهم سلبا وقتلا، ما حدا بالجنرال بوفور Beaufort إلى تسيير دورية عبر الحدود، على رأس جوقة جوالة. وبعد كر وفر، استدرج بنو يزناسن، وقتل منهم المئات من بينهم ثلاثة من الزوايا، كانوا يُعدون من بين أهم منفذي القلاقل.
31
غشت 1859 : على الساعة السادسة والنصف زوالا، نُفّذ هجوم لـ 1200 من مقاتلي بني يزناسن والمهايا واهل انكاد على قوات فرنسية بمنطقة الزاوية، بلالة مغنية بالتراب الجزائري. ما خلف مقتل 17 فرنسي وجرح اثنين منهم إضافة لـ 11 مفقودا، إضافة لأضرار جسيمة بالمعدات الحربية.
11
سبتمبر 1859: الشريف محمد بن عبد الله يقود 6000 إلى 7000 من مقاتلي بني يزناسن والمهايا وأهل أنكاد للانقضاض على معسكر القائد BEAUPRETRE بتيولي.
29
أكتوبر 1859 : على الساعة 2h00 الثانية صباحا، انطلقت هجمات الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال دو مارتمبري لاحتلال تفوغالت، انتقاما من هجمات بني يزناسن السابقة.
30
أكتوبر 1859 : احتلال هضبة تفوغالت بعد حرب شرسة، وإجراء مفاوضات السلام بين القائد الحاج ميمون قائد الاتحادية اليزناسنية والجنرال مارتمبري.
23
،24 ،29 نونبر 1907 : هجوم لبني يزناسن على فرق استطلاع فرنسية في كل من حاسي خليفة وفم صفرو وفي نواحي ميناء بور صاي بـ 2000 مقاتل.
وفي يوم 7 أكتوبر 1907 وفي اطار اللقاء بين قائد فرقة استطلاعية فرنسية وبعض أعيان بني يزناسن، بموقع قريب من "عين صفا "، بغرض عودة بعض قواد بني خالد إلى سلطتهم، تحت نفوذ الاحتلال. تطور الوضع إلى مواجهة بين المناهضين للاحتلال والجيش الفرنسي. مما أدى إلى تراجع الجيش إلى مدينة وجدة، وقد وقع في صفوف الجيش قتيلان وبعض الجرحى. وفي اليوم الموالي، عادت فِرق من الجيش الفرنسي معززة بسلاح المدفعية، لتدك المداشر القريبة من مكان الحادث بالقنابل. واستمر القتال طيلة الثلاث أشهر الموالية. تتوسطه فترات هدنة وكر وفر.
وفي يوم الأربعاء 4 دجنبر لسنة 1907م قام الجيش الفرنسي بقصف وتدمير مقر وضيعة الثائر الشيخ المختار البوتشيشي 
هجوم يزناسني اخر في 7 دجنبر من نفس السنة. فحسب صحيفة L’impartial في عددها 898 فإن فرقة استطلاعية فرنسية دخلت الجانب المغربي من واد كيس لكنها تعرضت لهجوم من فرقة من بني يزناسن، وبسبب عدم تجهزها فقد انسحبت وعلى إثرها دخل بنويزناسن التراب الوهراني وقاموا بغزوة في القبائل الجزائرية الحليفة... فدخل اليوطنو Mairesbille  ورجاله إلى بورساي في منتهى واد كيس بينما انسحب اليوطنو Chauvelot ورماته جنوبا نحو سيدي بوجنان.
وفي الغد رجع المغاربة بأعداد غفيرة ودمروا كل شيء في طريقهم. واقتحموا مصنع السبيب النباتي بباب العسة ولولا أن كوموندون دائرة مغنية الكولونيل Reibell بعث بمدد من رماة نمروس لكانت القوة الفرنسية تراجعت أو هلكت. وقد قتل 10 من الرماة من الجزائريين ورقيب وملازم من الجيش الفرنسي.



خلاصة.

إن الخبرة الحربية التي اكتسبها بنو يزناسن طيلة قرن من حربهم مع العدو سنرى اثارا لها في سلوكيات الأجيال التي تلت أي جيل القرن العشرين الذي عايش الإحتلال الفعلي للأرض المغربية ككل وعاين رمز سيادته أي الدولة المغربية ترزح تحت "حماية" المقيم العام الفرنسي.
كان لابد لساكنة المنطقة أن تستسلم للإحتلال بفعل القوة المفرطة التي تعرضت لها وهي ترى المدن المغربية تتساقط في يده منذ 1907 بدءا من وجدة والشاوية.
كما أن الحرب جولات وهذا وقت لكي تستجمع الساكنة أنفاسها وتعود للمواجهة بعد أن تتضح الصورة، خصوصا أنها خسرت أهم مقومات وجودها ألا وهو الأرض وثروتها.
لكن تغيرت الظروف بشكل جذري هذه المرة. ففرنسا أضحت جاثمة على انفاس الجميع. وشكل حرب العصابات التي كان الحاج ميمون نلبشير أمسعود يمارسها ضد فرنسا لم يعد يجدي نفعا، مع نزول الساكنة من الجبل المحصن واندماجهم في سهل بركان المكشوف، بحثا عن مصدر دخل عند المستوطنين.

ورغم كل ذلك يبقى التاريخ شاهدا على ارتباط ساكنة هذه المنطقة وولائها للوطن وذلك بفعل أصالة طباعها التي استمرت إلى حدود ما بعد الاستقلال. ويبقى الرهان على ضمان إيصال هذه القيم النبيلة إلى الأجيال الحالية عن طريق تدريس هذه النماذج المقاومة خصوصا للأطفال بطريقة عصرية حديثة وتفادي الشكل الكلاسيكي الممل الذي لم يعد يستجيب لمستجدات العصر,

 يقول الكاتب الفرنسي ATTILIO Gaudio "قليل من يعرفهم أو يتحدث عنهم، في أدبيات السياسة والتاريخ المغربي أو حتى الأوروبي في عهد الحماية. رغم أنهم في الحقيقة، كانوا أول من حارب ضد الفرنسيين، للدفاع عن استقلال المملكة الشريفة، منذ منتصف القرن التاسع عشر."  

تسجيل القفطان المغربي كعلامة جماعية دولية: انتصار للتراث المغربي

تسجيل القفطان المغربي كعلامة دولية – أكاديمية التراث تسجيل القفطان المغربي كعلامة جماعية دولية: انتصار للتراث المغر...